قوله تعالى: {صم بكم عمي فهم لا يرجعون 18}
  · اللغة: الصَّمَمُ والوَقْرُ: الثقل في الأذن، والأصم: نقيض السميع، وأصل الصمم الصلابة، يقال: قناة صماء إذا كانت مكتنزة الجوف، وسُمِّيَ الحجارة صَمّاء لأجل ذلك، وسمي الأصم به؛ لأنه انسدت خروق مسامعه.
  والأبكم الذي وُلدَ أخرس، والبَكَم: الاعتقال في اللسان، وهي آفة تمنع من الكلام.
  والأعمى الذي ذهب بصره عَمِيَ عَمًى.
  والرجوع عن الشيء: الانقلاب عنه، يقال: رجع عنه، ورجع إليه، وهو من الأضداد، والرِّجعة: مراجعة الرجل أهله بعد الطلاق.
  · المعنى: ثم عاد إلى ذكر المنافقين، فقال تعالى: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} قيل: صم عن استماع الحق، بكم عن التكلم به، عمي عن الإبصار له، والمراد التشبيه، لا أن صفتهم كذلك؛ إذ لو كانوا كذلك لما ذُمُّوا به، قال الشاعر:
  أَصَمُّ عَمَّا سَاءَهُ سَمِيعُ
  وإنما أطلق الوصف للمبالغة في الذم، وقيل: أراد: هُمْ كصُم وكبُكْم، فحذف أداة التشبيه مبالغة، كقولهم: فلان أسد، قال الشاعر:
  بَدَتْ قَمَرًا وَمَالَتْ خُوطَ بَانٍ ... وَفَاحَتْ عَنْبَرًا وَرَنَتْ غَزَالاَ
  وقيل: في الآية تقديم وتأخير، كأنه قيل: «فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ» «صُمٌّ بُكْمٌ عُمْي»، «مثلهم كمثل الذي استوقد نارا» ... «أَوْ كَصَيّب ..»؛ لأن (صُمٌّ) وصفهم في الدنيا، فيتصل بقوله: «اشْتَرَوُا الضَّلاَلَه بِالْهُدَى» وقيل: هذا لا وجه له؛ لأن الكلام يصح من دونه، فكأنه قيل: هم في ظلمات في الآخرة، وفي الدنيا «صُمٌّ بُكم عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ» قيل: إنه ذم لهم واستبطاء، عن ابن عباس، وقيل: