التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين 248}

صفحة 984 - الجزء 2

  قلنا: كانت الملائكة تحمله بين السماء والأرض رأوه عيانًا، عن الحسن، وقيل: إنه تعالى انتزعه من أيدي أعدائهم الَّذِينَ ذهبوا به فرده عليهم «تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ»، عن ابن عباس ووهب «فِيهِ سَكِينَةٌ» قيل: في التابوت نفسه، وقيل: فيما في التابوت، واختلفوا في السكينة قيل: ريح هفافة ولها وجه كوجه الإنسان، عن علي #، وقيل: لها رأس كرأس الهرة وجناحان، عن مجاهد، وقيل: روح من اللَّه يكلمهم بالبيان عند وقوع الاختلاف، عن وهب، وقيل: هو ما يعرفون من الآيات فيسكنون إليها، عن عطاء، وقيل: لما أتاهم التابوت وقد وعدوا النصر آمنوا واطمأنوا، عن أبي علي، وقيل: سكنوا إلى التابوت، عن قتادة، وقيل: رحمة من ربكم، عن الربيع، وقيل: كان فيه كتب الأنبياء والوعد بنصر طالوت، عن أبي مسلم.

  «وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ» قيل: موسى وهارون واختلفوا في البقية، قيل: عصا موسى ورَضْرَاض الألواح، عن ابن عباس وقتادة والسدي، وقيل: التوراة وشيء من ثياب موسى، عن الحسن «تَحْمِلُهُ الْمَلاَئِكَةُ» قيل: جاءت به بين السماء والأرض إلى طالوت، عن ابن عباس والحسن، وقيل: لما غلب الأعداء على التابوت أدخلوه بيت الصنم فأصبحت أصنامهم كلها مكسرة، فأخرجوه ووضعوه ناحية المدينة، فأخذ وجع في أعناقهم كلما وضعوه موضعًا ظهر بلاء وموت ووباء، فأشير عليهم بأن يخرجوا التابوت، فجاءوا بعجلة، وحملوا التابوت عليها ثم علقوها على ثورين، فأقبل الثور، ووكل اللَّه به أربعة من الملائكة تسوقه حتى جاء إلى بني إسرائيل «إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ» مصدقين، وقيل: إن كنتم مؤمنين فيما تزعمون، وقيل: لا يجوز حمله على الإيمان؛ لأنهم كفروا بالرد على نبيهم.