قوله تعالى: {فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلا قليلا منهم فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون أنهم ملاقو الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين 249}
  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى انقياد من انقاد لطالوت وخروجه إلى القتال فقال تعالى: «فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ» قيل: في الكلام حذف، كأنه قيل: فآتاهم التابوت بالصفة التي وعدوا، فانقادوا لطالوت، وفصل: خرج عن مكانه، قطعه بالمجاوزة، وقيل: خرجوا من بيت المقدس بالجنود بالعساكر، أي خرج مع العساكر للقتال، اختلفوا قيل: كانوا ثلاثين ألف مقاتل، عن السدي، وقيل: سبعين ألفًا، عن مقاتل، وذلك أنهم لما رأوا التابوت أيقنوا بالنصرة فسارعوا إلى الجهاد «قَال» يعني طالوت «إِنَّ اللَّهَ مُبْتليكُمْ» أي يكلفكم، وكان سبب الابتلاء، قيل: شكايتهم قلة المياه وخوف القتل وخوف التلف من العطش، عن وهب، وقيل: أراد تثقيل التكليف لمصلحة لهم، عن أبي علي، وقيل: ابتلاهم ليميزوا الصادق من الكاذب، وقيل: ابتلاهم ليتعودوا الصبر على الشدائد «بِنَهَرٍ» وقيل: هو نهر فلسطين، عن ابن عباس والسدي، وقيل: نهر بين الأردن وفلسطين، عن قتادة والربيع، «فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ» الهاء كناية عن النهر في اللفظ، وهو في المعنى للماء يقال: شربت من نهر كذا ويراد به الماء «فَلَيسَ مِنِّي» أي ليس من أهل ديني وطاعتي «وَمَنْ لَم يَطْعَمْهُ» أي لم يشربه «فَإِنَّهُ مِنِّي» أي من أهلٍ ديني وطاعتي، وقيل: مني: من حزبي وأوليائي، عن أبي علي «إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ» يعني مرة أو ملء الكف على اختلاف القراءة «فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ»، وروي أن من استكثر منه عطش، ومن اغترف غرفة، روي عن ابن عباس وقتادة والربيع، وأما القليل الذي لم يشرب منه فقيل: أربعة آلاف، عن السدي، وقيل: كانوا عدد أهل بدر ثلاثمائة وبضعة عشر وهم المؤمنون، عن الحسن وجماعة «فَلَمَّا جَاوَزَهُ» يعني جاوزوا النهر، قيل: جاوزه المؤمنون على عدد أهل بدر، عن الحسن وقتادة والربيع والبراء ابن عازب، وقيل: جاوزه المؤمنون والكافرون، إلا أن الكافرين انخذلوا