التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فهزموهم بإذن الله وقتل داوود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين 251}

صفحة 991 - الجزء 2

  إليه داود #، وكان في عسكر طالوت لم يكن نبيًّا بعد، فرماه بحجر من مقلاعه فوقع بين عينيه، وخرج من قفاه فأصاب جماعة من أهل عسكره فقتلهم، وانهزم القوم عن آخرهم، عن وهب «وَآتَاهُ اللَّه» أعطاه اللَّه «الْمُلْكَ» قيل: مَلَكَ بعد قتل جالوت بسبع سنين، عن الضحاك «وَالْحِكْمَةَ» قيل: النبوة، ولم يكن نبيًّا قبل قتله جالوت، وقيل: العلم والفقه «وَعَلَّمَهُ مما يَشاءُ» قيل: صنعة الدروع وكلام الطير والنمل، وقيل: أمور الدنيا، عن أبي علي، وقيل: الزبور والحكم بين الناس، عن الأصم، وقيل: الصوت الطيب والألحان «وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّه النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ» فيه عدة أقوال:

  الأول: لولا دفع اللَّه بجنود المسلمين الكفار ومعرتهم لغلبوا وخربوا البلاد، عن ابن عباس ومجاهد وأبي علي وأبي مسلم، ثم اختلفوا فقيل: المراد به المؤمنون وأهل الحق، وقيل: أراد المؤمن والكافر.

  الثاني: لولا دفع اللَّه بِالبَرِّ الهلاكَ عن الفاجر لهلكت الأرض ومن فيها، عن علي # ومجاهد وقتادة وجماعة من المفسرين.

  الثالث: لولا دفع اللَّه باللطف للمؤمن والرعب في قلب الكافر لعمت الأرض بالفساد.

  الرابع: يزع اللَّه بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، عن الحسن، فدفعه بالسلطان.

  الخامس: ببعثة الرسل فيدعوهم إلى الحق ومعناه أنه يبعثه على دفع الأشرار عن ظلم الناس «وَلَكِنَّ اللَّه ذُو فَضْلٍ» ونعمة في دينهم ودنياهم «عَلَى الْعَالَمِينَ» على الخلق.

  · الأحكام: الآية تدل على أن جالوت تولى قَتْلَهُ داودُ #، وأنه كان في جند طالوت، فيدل على أن المرشح للنبوة قبل البعثة قد يكون تابعًا لغيره ممن ليس بنبي، خلاف قول الإمامية.

  وتدل أنه صار إليه النبوة ومُلْكُ طالوت.