قوله تعالى: {تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وإنك لمن المرسلين 252 تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد 253}
  تشتهيه «وَرَفعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَات» يعني منازل لبعضهم فوق بعض على قدر أعمالهم، وعلى قدر المصالح «وَآتَيْنَا» أعطينا «عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ» الحجج وهو ما آتاه من المعجزات والكتاب «وَأَيَّدْنَاهُ» قويناه «بِرُوحِ الْقُدُس» قيل: الروح جبريل والقدس اللَّه تعالى، عن الحسن، وقيل: روح القدس الاسم الذي كان يحيي به عيسى الموتى، عن ابن عباس، وقيل: هو الروح الطاهرة التي نفخت فيها فأتت به من بين سائر بني آدم، عن أبي مسلم «وَلَوْ شَاءَ اللَّه مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ» قيل: إنه مشيئة الإكراه أي لو شاء أن يجبرهم ويمنعهم عن القتل لفعل، ولكن خيرهم وكلفهم ولم يجبرهم، عن الحسن، وقيل: لو شاء لما أمر المؤمنين بقتال الكفار فلم يكن قتال «الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ» قيل: من بعد موسى وعيسى @ وأتباعهم، عن قتادة والربيع، وقيل: من بعد الرسل، وقيل: أمم الرسل، وقيل: اليهود والنصارى «وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا» في الديانات «فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّه مَا اقْتَتَلُوا» كرر ذلك قيل: تأكيدًا وتنبيهًا، وقيل: الأول مشيئة الإكراه أي لو شاء اضطرهم إلى حال يرتفع معها التكليف، ومعنى الثاني: بالأمر للمؤمنين أن يكفوا عن قتالهم «وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ» مما هو مصلحة توجبه الحكمة، وقيل: يفعل ما يريد بأن يأمر بالقتال، وقيل: بأن خَيَّرَ وخَلَّى، ولم يجبر ولم يكره.
  · الأحكام: تدل الآية علَى أن بعض الأنبياء أفضل من بعض، وأن التساوي في النبوة لا يمنع اختلافهم في التفضيل، ولا شبهة في أن نبينا ÷ أفضل الأنبياء، وما عداه مجوز غير مقطوع في أحد بعينه، وإنما قطعنا في تفضيل نبينا ÷ للإجماع، وإن كان من مشايخنا مَنْ ذكر فيه وجوهًا كثيرة نحو بعثه إلى الكافة، ولكثرة مستجيبيه، ولأنه خاتم الأنبياء إلى غير ذلك.
  ويدل قوله: «مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّه» أن يقع هناك مفاضلة ثم يحتمل وجهين: