قوله تعالى: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يئوده حفظهما وهو العلي العظيم 255}
  إليه الخلق، وقيل: من يتحير الخلق في كنه عظمته «لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ» أي لا أحد يستحق الإلهية، وتحق العبادة له غيره «الْحَيُّ» يعني على الصفة التي بها يدرك المدركات، وبها يصح أن يعلم ويقدر «الْقَيُّومُ» القائم بتدبير خلقه عن قتادة، وقيل: العالم بالأمور من قولهم: فلان يقوم بهذا الكتاب أي هو عالم به، وقيل: معناه الدائم الوجود، عن سعيد بن جبير والضحاك، وقيل: القائم على كل نفس بما كسبت حتى يجازيها من حيث هو عالم بها، عن الحسن «لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ» يعني نعاس وهو ابتداء النوم، ولا نوم ثقيل مزيل للقوة، وقيل: معناه لا يغفل عن الخلق كما يقال للغافل: أنت نائم، وإنك لوَسْنانُ. «لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ» ملكًا وخلقًا «مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ» هو استفهام، والمراد المبالغة في النفي يعني لا يشفع يوم القيامة أحد إلا بإذنه أي بأمره «يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ» قيل: ما بين أيديهم: ما مضى من الدنيا، وما خلفهم: من الآخرة، عن مجاهد وابن جريج والسدي، وقيل: ما بين أيديهم من الآخرة؛ لأنهم يقدمون عليها، وما خلفهم من الدنيا؛ لأنهم خلفوها وراء ظهورهم، عن الضحاك، وقيل: ما مضى أمامهم وما يكون بعدهم، عن ابن جريج، وقيل: ما فعلوه من خير أو شر وما هم فاعلوه، وقيل:
  خلفهم: بعد وفاتهم، عن أبي مسلم «وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ» أي معلومه كما يقال: اللَّهم اغفر علمك فينا أي معلومك، والإحاطة بالشيء علمًا أن يعلمه على الحقيقة كما هي «إِلَّا بِمَا شَاءَ» يعني ما شاء أن يعلمهم ويطلعهم عليه «وَسِعَ» أي ملأ وأحاط «كُرْسِيُّهُ» يعني كرسيه أوسع من السماوات والأرض، عن أبي مسلم، واختلفوا في الكرسي فقيل: علمه، عن ابن عباس ومجاهد، ومنه الكراسة لما كتب فيها من العلم، ويسمى العلماء كراسي، وقيل: الكرسي العرش، عن الحسن، وقيل: سرير دون العرش، وقيل: أصله ملكه وسلطانه وقدرته، والعرب تسمي الملك