التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم 256}

صفحة 1003 - الجزء 2

  هو في أهل الكتاب خاصة، ومن يؤخذ منهم الجزية، عن الحسن وقتادة والضحاك، وقيل: هو في جميع الكفار ونسخت بآية السيف في (براءة)، عن السدي وابن زيد، وقيل: لا تقولوا لمن دخل في الدين بعد الحرب: إنه دخل مكرهًا؛ لأنه إذا رضي بعد الحرب وصح إسلامه فليس بمكره، عن الزجاج، ومعناه لا تنسبوا إِلَيَّ الإكراه، وقيل: إنها نزلت في قوم خاص من الأنصار كانوا يهودًا فأريد إكراههم على الإسلام على ما ذكرنا، عن ابن عباس وسعيد بن جبير، وقيل: لا إكراه في الدين بعد إسلام العرب؛ لأن العرب كانوا لا يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف، فلما أسلموا نزل «لا إكراه في الدين»، عن قتادة وعطاء والواقدي، وقيل: معناه ليس في الدين ما يكرهه أهله، وإنما يكرهه المنافق، عن الأصم وحمله على الكراهة يعني ليس شيء منه ينبغي أن يُكْرَهَ، وقيل: ليس في الدين إكراه من اللَّه تعالى، ولكن العبد مخير فيه؟ «فِي الدِّينِ» قيل: دين الإسلام، وقيل: دين الحق ودين اللَّه «قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ» أي الكفر من الإيمان، والحق من الباطل بالحجج الدالة عقلاً وسمعًا، والمعجزات التي ظهرت على النبي ÷، وقيل: قد ظهر بما إذا تمسك به صار راشدًا، وإذا تركه صار في الغي، وهو الخيبة والحرمان «فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ» فيه عدة أقوال:

  الأول: هو الشيطان، عن عمر ومجاهد وقتادة.

  والثاني: الكاهن، عن سعيد بن جبير.

  والثالث: الساحر، عن أبي العالية.

  الرابع: الأصنام.

  الخامس: مَرَدَة الإنس والجن وكل من يطغى.

  «وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ» أي يصدق ما جاء من عنده، ويعمل به «فَقَدِ اسْتَمْسَكَ» استعصم «بِالْعُرْوَةِ الْوُثقَى» بالعصمة الوثيقة وهو الإيمان بِاللَّهِ ورسله، عن مجاهد «لاَ انفِصَامَ