التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير 259}

صفحة 1013 - الجزء 2

  فإذا قلت: هل رأيث كزيد في الجهل؟! دللت على مثل الأول، غير أن الأول وضع للتعجب، والثاني للاستفهام، ثم استعمل في التعجب، وقيل: الكاف زائدة، وليس بالوجه؛ لأنه لا يحكم بالزيادة، وللكلام معنى.

  ويقال: ما موضع (كم) من الإعراب؟

  قلنا: نصب بـ (لبثت) كأنه قيل: أمائة سنة لبثت أو أقل أو أكثر.

  ويقال: لم دخلت الواو في «ولنجعلك»؟

  قلنا: لاتصال الكلام بفعل محذوف، كأنه قيل: ولنجعلك آية للناس، فقلنا ذلك؛ لأن الواو لو سقطت اتصلت اللام بالفعل المتقدم.

  · المعنى: لما تقدم محاجة إبراهيم واحتجاجه وإنكار نمرود مع ظهور آياته أتبعه بقصة من مر تسلية للنبي ÷ وتعجيبًا من أولئك، فكأنه قيل: اعتبر يا محمد بقصة إبراهيم، وبقصة من مر كيلا يضيق صدرك بكفر قومك، وقيل: لما تقدم حديث الاحتجاج بالإحياء والإماتة اتصل به هذه القصة بيانًا لحقيقة الإحياء والإماتة، وإزالة الشبهة، وقيل: نظمه كأنه قال: إنا نظهر حجتك يا محمد كما فعلنا بإبراهيم، وكما فُعِلَ لمن مر، عن أبي مسلم، «أَوْ كَالَّذِي» أو هل رأيت كالذي مر، قيل: هو عزير، عن قتادة والربيع وعكرمة والضحاك والسدي، وقيل: أرميا، عن وهب، وقيل: هو الخضر، عن ابن إسحاق، وكان من سبط هارون، وقيل: رجل كافر شك في البعث عن مجاهد «عَلَى قَرْيَةٍ» قيل: هو بيت المقدس لما خربه بخت نصر، عن قتادة ووهب وعكرمة والربيع، وقيل: الأرض المقدسة، عن الضحاك، وقيل: هي القرية التي خرج منها الألوف حذر الموت، عن ابن زيد، وقيل: سلماباذ، عن السدي «وَهِيَ