التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين 19}

صفحة 272 - الجزء 1

  والحذر: طلب السلامة، يقال: حَذِرَ حَذَرًا.

  والإحاطة بالشيء: الإحداق به، ومنه الحائط، ومنه أحاط بالشيء إذا بلغ علمه أقصاه.

  · الإعراب: (أو): قيل: معناه الواو، وهو واو العطف، تقديره: (مثله كمثل الذي استوقد نارا)، «وَكَصَيِّب»، قال توبة:

  وَقَدْ زَعَمَتْ لَيْلَى بِأَنِّيَ فَاجِرٌ ... لِنِفْسِي تُقَاهَاَ أوْ عَلَيْهَا فُجُورُهَا

  يعني: وعليها.

  وقال جرير:

  نَال الخِلاَفَةَ أوْ كَانَتْ لَهُ قَدَرًا ... كَمَا أَتَى رَبَّهُ مُوسَى عَلَى قَدَرِ

  أي: وكانت، عن الفراء والكوفيين. والبصريون ينكرون ذلك، ويقولون: «أو» على أربعة أوجه: الشك، كقولهم: أتاك رجل أو امرأة، والثاني: تخيير، كقولهم:

  كل السمك أو اشرب اللبن، الثالث: الإباحة، كقولهم: جالس الحسن أو ابن سيرين.

  والرابع: لأحد الشيئين على الإيهام، كقوله {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ١٤٧} ويقولون: رأيت زيدًا أو عمرًا، يريد أن يوهم على السامع أيهما لقي، وأصله الدلالة على أحد الشيئين، كأنه قيل: إن شبهتهم بالمستوقد فهو شبههم، وإن شبهتهم بالصيب فهو شبههم، وإن شبهتهم بهما فهو مثلهم، ولو كان (أو) بمعنى الواو لكان لا يشبه إلا بهما، والاثنان يخرجان على الإيهام الذي ذكرناه.

  والصيب قيل: وزنه فَيْعِل، بكسر العين عن البصريين، ولا يوجد مثاله إلا في المعتل كسَيِّد وهيِّن، ولَيِّن، وأصله صَيْوِب، قلبت الواو ياء، وأدغمت، وقيل: وزنه فَعْيِل، وأصله صَيْيِب، فاستثقلت الكسرة على الياء فسكنت، وأدغمت إحداهما في الأخرى، وحُرِّكَتْ إلى الكسر عن الكوفيين.