قوله تعالى: {أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين 19}
  ونصب «حَذَرَ الْمَوْت» لأنه مفعول له، كقولك: جئت مَخَافَةَ شرِّه. وقيل: نصب على المصدر، وقيل: على التفسير، عن الفراء. وقيل: بنزع حرف الصفة، يعني: من حذر الموت.
  · المعنى: ثم عطف تعالى مثلاً آخر لهم على المثل الأول، فقال تعالى: «أَوْ كَصَيّبٍ» قيل: كسحاب ذي مطر، وقيل: كمطر، عن الأخفش. «مِنَ السَّمَاءِ» أي منزل من السماء «فِيهِ» يعني: في الصيب «ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ» قيل: هو صوت ملك يزجر السحاب، وقيل: الرعد هو الملك، ثم سمي ذلك الصوت باسم ذلك الملك، عن علي وابن عباس ومجاهد، وقيل: الرعد صوت ريح تَخْتَفِقُ تحت السحاب، عن أبي الجلد، وقيل: هو اصطكاك أجرام السحاب. «وَبَرْقٌ» قيل: الرعد ملك، والبرق ضربه بمخراق من حديد، عن علي، وقيل: بسوط من نور، عن ابن عباس، وقيل: عن تحريك أجنحة الملائكة الَّذِينَ وكلوا بالسحاب، وقيل: هو ما ينقدح من اصطكاك الأجرام.
  «يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ» أي مخافة الموت، وقيل: هذا صفة المنافقين بالهلع، وضعف القلب، عن قتادة وابن جريج، وقيل: حذر الموت لأنهم آمنوا ظاهرًا من خوف المسلمين، ونافقوا مخافة الدائرة، فهم يحذرون الموت من كل وجه، عن الحسن. «واللَّه مُحِيط بالْكَافِرِينَ» أي قادر عليهم، لا يستطيعون الخروج عن قدرته، عن أبي علي، وقيل: أَحاط علمه بهم فيعلم سرائرهم، ويطلع رسوله والمؤمنين على سرائرهم، عن الأصم، وحقيقة الإحاطة لا تجوز على اللَّه تعالى؛ لأنه من صفات الأجسام، فلا بد من حمله على العلم والقدرة، والمراد أنه لا يفوته أحد.