التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتا من أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل فآتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل والله بما تعملون بصير 265}

صفحة 1032 - الجزء 2

  وفيه سبع لغات ربوة بتعاقب الحركات الثلاث على الراء، ورباوة بالألف، وتعاقب الحركات الثلاث على الراء، وربا.

  والأكل بالضم: الطعام؛ لأن من شأنه أن يؤكل، وبالفتح المصدر أكل يأكل أكلاً.

  والطل: المطر الصغير القطر، وهو خلاف الوابل؛ لأنه العظيم القطر الشديد الوقع.

  · الإعراب: (ابتغاء) نصب ب (ينفقون)، وقيل: بنزع الخافضة أي لابتغاء.

  · المعنى: لما تقدم المثل بصدقة المرائي وإتباعه بالمن والأذى أتبعه بصدقة المؤمن الذي تقع موضع المأمور به فقال تعالى: «وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ» يخرجون «أَمْوَالَهُم» في أعمال البر «ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّه» أي طلب رضا اللَّه «وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ» قيل: تثبيتًا من أنفسهم بقوة اليقين والبصيرة، عن سعيد بن جبير والشعبي وابن زيد والسدي وابن صالح وأبي مسلم، وقيل: يتثبتون. في موضع صدقاتهم، عن الحسن ومجاهد، وعلى هذا تقديره ثبتوا أنفسهم، وقيل: توطينًا لأنفسهم على الثبوت على طاعة ربهم، عن الأصم وأبي علي، وقيل: احتسابًا، عن قتادة، وقيل: يوطنون أنفسهم على حفظها، وترك ما يفسدها، عن القاضي «كَمَثَلِ جَنَّةٍ» أي بستان «بِرَبْوَةٍ» أي بمكان مرتفع مستوٍ تجري فيه الأنهار فلا يعلوه الماء، ولا يعلو عن الماء، وخص ذلك؛ لأن نبتها وريعها أكثر، وقيل: الربوة المرتفع من الأرض، عن ابن عباس والحسن والضحاك ومجاهد والسدي والربيع «أَصَابَهَا وَابِلٌ» يعني أصاب الجنة وابل أي مطر