قوله تعالى: {الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم 268 يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولو الألباب 269}
  · المعنى: لما حث اللَّه تعالى على الصدقة، وبين صفاتها حذر الشيطان الذي يمنع منها، ووسوته الموافقة لهوى النفس، فقال تعالى: «الشَّيطَانُ» قيل: إبليس، وقيل: سائر الشياطين، وقيل: شياطين الإنس والجن «يَعِدُكم الْفَقْرَ» أي بالنفقة في وجوه البر، ويقول: إن تصدقت افتقرت «وَيَأْمُرُكم بِالْفَحْشاءِ» أي بالبخل ومنع الزكاة، عن أبي مسلم، وقيل: بالمعاصي وترك الطاعات، وقيل: بكسب المال الحرام، قيل: بالظلم، عن الأصم، وقيل: بمنع الحقوق، عن ابن عباس، وقيل: بإنفاق الرديء، وقيل: بترك صلة الأرحام «وَاللَّه يَعِدُكم مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً» مغفرة لذنوبكم «وَفَضْلاً» رزقًا وخلفًا، عن ابن عباس وابن مسعود، فاثنتان من اللَّه واثنتان من الشيطان، وقيل: فضلاً خلفًا في الدنيا، وقيل: في الآخرة، عن أبي علي «وَاللَّهُ وَاسِعٌ» قيل: غني عن صدقاتكم لسعة مقدوره، وقيل: واسع الرحمة يقدر أن يعطي ما وعد «عَلِيمٌ» بأحوالكم، وقيل: بما تستحقونه، عن أبي علي «يُؤْتِي الْحِكْمَةَ» العلم قيل: علم القرآن ناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه، ومقدمه ومؤخره، وحلاله وحرامه، عن ابن عباس وقتادة وأبي العالية، وقيل: علم الدين، عن ابن زيد، وقيل: النبوة، عن السدي، وقيل: الإصابة، عن مجاهد، وقيل: الفهم، عن إبراهيم، وقيل: الخشية، عن الربيع، وقيل: علم القرآن وفهمه، عن الضحاك، وقيل: السُّنَّة، والأولى حمله على الجميع «وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا» أي يعط علمًا يمنعه عن المعاصي ويحثه على الطاعات، وقيل: الورع، عن الحسن، نِعَمًا كثيرة «وَمَا يَذَّكَّرُ» ما يتعظ ويتفكر «إِلَّا أُوْلُوا الألبَابِ» ذوو العقول.