التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه وما للظالمين من أنصار 270 إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم والله بما تعملون خبير 271}

صفحة 1045 - الجزء 2

  تعالى {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا} اعن الأخفش، وكقوله: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ}.

  و (ما) في (نعما) يجوز أن يكون في محل الرفع والنصب كقوله: نعم الرجل زيد، ونعم الرجل رجلاً.

  · النزول: روي أنهم قالوا: يا رسول اللَّه، صدقة السر أفضل أم صدقة العلانية؟ فأنزل اللَّه تعالى: «إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ».

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى صفة الإنفاق فقال تعالى: «وَمَا أَنفَقْتُم مِنْ نَفَقَةٍ» أي ما أخرجتم من أموالكم في سبيل اللَّه البر، وقيل: في خير ويسر، «أوْ نَذَرْتُم مِنْ نَذْرٍ» أي أوجبتم على أنفسكم، وقيل: تطوعتم به، عن الأصم «فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ» قيل: يعلم كيفيته وما يستحق عليه فيجازي به «وَمَا لِلظَّالِمِينَ» قيل: للواضعين صدقتهم في غير موضعها كإنفاقهم رياء أو ضرارًا أو شقاقًا أو من مال مغصوب، وقيل: الظالمين بِمَنْع حق اللَّه تعالى «مِنْ أَنصَارٍ» من أعوان تعينهم على دفع العذاب عنهم «إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ» تظهروها «فَنِعِمَّا هِيَ» أي نعم الخصلة هي «وَإِنْ تُخْفُوهَا» تستروها «وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ» و تعطوها المحتاجين في السر «فَهُوَ خَيرٌ لَكُمْ» أي أنفع وأكثر ثوابًا، وإن كان الجميع مقبولاً، قيل: هو صدقة التطوع؛ لأنها تكون أبعد من الرياء، وأما المفروضة فإظهارها أفضل؛ لأنه أبعد من التهمة، عن ابن عباس وسفيان وأبي علي،