قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين 278 فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون 279}
  في فاعل الربا، وإن اعتقد تحريمه، ثم اختلفوا أنه متى؟ فقيل: في الدنيا يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، عن ابن عباس وقتادة والربيع، وعلى هذا الآية في المستحل، وقيل: إذا أجمع أهل قرية على إظهار الربا حاربهم الإمام، وإن كانوا محرمين له، ولو فعله الواحد لا يقتل، ولكن يقام عليه من الحكم ما يستحقه، عن أبي القاسم البلخي، وقيل: ذلك في الآخرة، يقال له يوم القيامة: خذ سلاحك للحرب، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس، وقيل: حرب اللَّه النار، وحرب رسوله السيف، وقيل: هو مبالغة في التهديد دون نفس الحرب «وَإِنْ تُبْتُمْ» قيل أسلمتم، وقيل: تبتم ممن فضل الربا وأخذ ما بقي «فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ» الغريم بطلب زيادة على رأس المال «وَلاَ تُظْلَمُونَ» أنتم بنقصان رأس المال.
  · الأحكام: تدل الآية على وجوب ترك الباقي من الربا، وهو الزيادة على أصل المال، وأنه لا يملك المطالبة به.
  وتدل على أن الربا كبيرة؛ لأنه علق التقوى بتركه، ونبه أن الإيمان يحصل إذا تركه.
  وتدل على أن أفعال الجوارح من الإيمان؛ لأنه جعل ترك الربا من الإيمان.
  وتدل على عظم أمر الربا؛ إذ جعل المربي حربًا لله ورسوله.
  ويدل قوله: «وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ» أن المحرَّم هو الزيادة على رأس المال، وهذا فيما يمكن أن يتميز.
  وتدل على أن المحرم من العقود بعد الإسلام حكمه بخلاف حكمه قبل الإسلام؛ فلذلك منع عن أخذ الزيادة وقد أسلم، ولو تناول في حال كفره ثم أسلم لم يجب الرد.
  وتدل على وجوب رد رأس المال من غير زيادة ولا نقصان؛ لأن في كل واحد منهما ظُلْمَ آخر.
  وتدل على أن الظلم فعل العبد لذلك أضاف إليهم، وقيل: الآية في المستحل، عن الأصم وجماعة، وقيل: في فاعل الربا وإن كان مُحَرِّمًا.