التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين 278 فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون 279}

صفحة 1063 - الجزء 2

  · النزول: قيل: نزلت الآية في العباس وعثمان بن عفان، وكانا أسلفا في الثمرة فلما حضر الجذاذ قبضا، وزادا في الباقي، فنزلت الآية، عن عطاء وعكرمة.

  وقيل: نزلت في العباس وخالد بن الوليد كانا شريكين في الجاهلية يسلفان في الربا، فجاء الإسلام ولهما أموال عظيمة في الربا، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية فقال النبي ÷: «كل ربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضعه ربا عمي العباس»، عن السدي.

  وقيل: نزلت في أربعة إخوة من ثقيف: مسعود، وعبد ياليل، وحبيب، وربيعة بني عمرو بن عمير الثقفي، وكانوا يداينون بني مغيرة، فلما ظهر النبي ÷ على الطائف وصالح ثقيفًا أسلم هَؤُلَاءِ الأربعة وطلبوا رباهم من بني المغيرة فأبوا، وقالوا: واللَّه لا نعطي الربا في الإسلام، واختصموا إلى عتاب بن أسيد، وهو يؤمئذ أمير مكة، فكتب بذلك إلى رسول اللَّه ÷، وكان ذلك مالاً عظيمًا فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية، فلما قرئت عليهم قالوا: «بل نتوب فلا يدان لنا بحرب اللَّه ورسوله ÷» ورضوا برأس المال عن مقاتل.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى حكم الربا، وبين أن ما سلف للآخذ، وبين حكم ما بقي فقال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» صدقوا اللَّه ورسوله فيما جاءهم به «اتَّقُوا اللَّهَ» يعني اتقوا عذابه باتقاء معاصيه «وَذَرُوا» اتركوا ودعوا «مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا» لكم على الناس «إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ» يعني من كان مؤمنًا فهذا حكمه، فإن كنتم مؤمنين فاتركوا ذلك، وقيل: معناه إذ كنتم مؤمنين؛ لأنه وصفهم تعالى في أول الآية بالإيمان «فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا» ما أمركم اللَّه تعالى به من ترك ما بقي من الربا «فَأْذَنُوا» أي اعلموا وكونوا على علم، وبالمد فَأَعْلِمُوا مَنْ فعل ذلك «حَرْبٍ مِنَ اللَّه وَرَسُولِهِ» قيل: هذا في المستحل، وقيل: بل