قوله تعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين 286}
  تُؤَاخِذْنَا» أي لا تعاقبنا «إِنْ نَسِينَا» قيل: هو النسيان الذي هو السهو، عن الأصم، وهذا لا يصح؛ لأنه لا يكلفهم مع السهو، ولا يجوز أن يؤاخذ به، وقيل: «نَسِينا» تركنا لشبهة أو سوء تأويل كقوله: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} وقيل: إن تعرضنا للنسيان «أَوْ أَخْطَأْنا» أي عملنا خطيئة بشبهة، وقيل: إن أخطأنا: فعلنا من غير عمد، عن الأصم، وقيل: إن هذا لا يصح؛ لأنه موضوع عنه، ويصح أن يدعو وإن وضع عنه، وقيل: «إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأنا» إن جهلنا أو تعمدنا، عن عطاء «رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَينَا إِصْرًا» قيل: عهدًا نعجز عن القيام به، عن ابن عباس وقتادة ومجاهد والضحاك والربيع والسدي، وقيل: ثقلا يعني لا تشدد الأمر علينا، عن عطاء وعمر ومالك «كمَا حَمَلتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا» من الشدائد يعني اليهود «رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَه لَنَا بِهِ» قيل: ما يثقل علينا مثل ما كلف بنو إسرائيل أن يقتلوا أنفسهم، كقولهم: ما أطيق كلام فلان، أي يثقل عن قتادة والضحاك والسدي وابن زيد، وقيل: ما لا طاقة لنا به من العذاب «وَاعْفُ عنا وَاغْفِرْ لَنَا» قيل: اعف عن ذنوبنا «وَاغْفِرْ لَنَا» استرها، وقيل: اعف عن الصغائر، واغفر لنا الكبائر «وَارْحَمْنَا» في الدنيا بالرزق، وفي إلآخرة بالجنة «أَنْتَ مَولانا» أي أنت ولينا وحافظنا وأولى بنا «فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ» أي أَعِنَّا عليهم قيل: بالقهر، وقيل: بالحجة والغلبة، وعن معاذ أنه كان إذا ختم سورة البقرة قال:
  آمين، وعن النبي ÷ أنه قال: «في آخر سورة البقرة آيات إنهن قرآن وإنهن دعاء وإنهن يرضين الرحمن».
  · الأحكام: تدل الآية على بطلان مذهب الجبر في المخلوق؛ لأن قوله: «لاَ تُؤَاخِذْنَا» لا يصح إلا ولهم فعل.
  وتدل على بطلان قولهم في الاستطاعة بقوله: «لاَ يُكَلّفُ اللَّه نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا».
  ويدل على وجوب الاقتداء بالمؤمنين فيما حكى عنهم من الإيمان.
  ويدل قوله: «فَانصُرْنَا» على أن لهم فعلا؛ لذلك سألوا النصرة.