التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {الم 1 الله لا إله إلا هو الحي القيوم 2 نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل 3 من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام 4}

صفحة 1093 - الجزء 2

  · اللغة: الحي: هو الذي على صفة معها يصح أن يدرك المدركات، والإدراك: إحساس الشيء على ما هو به.

  والقيوم فَيْعُول من القيام، وأصله «قيووم» إلا أن الواو الأولى قلبت ياء، لأن ما قبلها ياء ساكنة نحو: سيد وميت، ولا يجوز أن يكون على فَعُّول؛ لأنه لو كان كذلك لكان قَوُّومًا.

  والتوراة أخذت من «وريت بك زنادي» إذا ظهر به الخبر، كما ينقدح النار بالزناد، والأصل الظهور فهو تورية لظهور الحق بها، وقيل: هو من التورية، وهو كتمان السر، والتعريض بغيره، ومنه كان رسول اللَّه ÷ إذا أراد سفرًا وَرَّى بغيره، سمي بذلك؛ لأن التوراة معاريض وتلويحات من غير تصريح، والأول أصح.

  يقال: ما زنة توراة؟

  قلنا: فيه ثلاثة أقوال:

  تفعلة كقولهم: تثقلة، وهو قليل جدًّا لا يكاد يعرف «تفعلة» في الكلام، وهو قول الكوفيين.

  الثاني: قال بعضهم: هو تفعلة إلا أنه يصرف إلى الفتح استثقالاً للكسر في المعتل، وهو بناء يكثر نحو توفية وتوصية وتوقية، قال الزجاج: وهذا رديء؛ لأنه يجب منه في توفية توفاة، وهذا لا يجوز.

  الثالث: قال البصريون: وزنه فوعلة قلبت الواو الأولى تاء، لأنه لا يجتمع واوان في أول الكلمة نحو: تولج في وولج، وفوعلة كثير في الكلام كحوقلة، ودوخلة.

  والإنجيل إفعيل من النجل، وهو الأصل، سمي بذلك لأنه الأصل في العلوم، وقيل: أصله الخروج، سمي بذلك؛ لأنه تعالى أخرج به الحق، وقيل: هو من النجل الذي هو سعة العين، ومنه: طعنة نجلاء سمي بذلك؛ لأنه سعة ونور وضياء أخرجه لهم.