قوله تعالى: {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب 7}
  · المعنى: لما ابتدأ السورة بالتوحيد عقبه بذكر الدلائل والصفات فقال تعالى: «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَخْفَى عَلَيهِ شَيءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ» لأنه عالم لذاته يعلم السر والعلانية، وفيه تحذير عن مخالفته سرًا وجهرًا ووعيد بالمجازاة على ما عملوا، وقيل: لا يخفى عليه ما يقولونه في أمر عيسى # «هُوَ الَّذِي يُصَوِّركُمْ فِي الأرحَامِ» أي يخلق صوركم في رحم الأمهات «كَيفَ يَشَاءُ» من ذكر وأنثى وأبيض وأسود قصير أو طويل تام أو ناقص «لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ» لما ذكر الدلالة عقبه بذكر المدلول، وهو أنه لا إله غيره، وهو «الْعَزِيزُ» يعني القادر الذي لا يمتنع عليه شيء فاحذروا مخالفته «الحكِيمُ» قيل: العليم بأفعالكم وما تستحقون عليها، وقيل: الحكيم يفعل ما توجبه الحكمة.
  · الأحكام: تدل الآية على بطلان مذهب النصارى في المسيح؛ لأنه مصور في الرحم مربوب، فلا يصلح أن يكون إلها، فكأن النبي احتج على النصارى بهذا في جملة ما احتج عليهم بأنه كان يشبه الإنسان، وكان مُصَوَّرًا في الرجم، ويطعم، ويشرب، ويمشي، ويحدث الحدث، ويموت، ويأتي عليه الفناء، وأن أمه حملته، ووضعته، ويتغذى، ويتعالى ربنا عن ذلك.
  وتدل على أنه تعالى يصور خلاف ما قاله بعضهم، أنه يبعث ملكًا يصوره، وذلك من عجيب دلائله تعالى على قدرته وصفاته بحيث خلقنا من ماء مهين، وركب ما يتكامل به أمرنا من الحواس والجوارح.
  وتدل الآية على إثباته تعالى بأنه واحد، وأنه قادر عالم، وإذا ثبت ذلك ثبت أنه حي مدرك للمدركات.
قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ٧}