التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب 11}

صفحة 1105 - الجزء 2

  · الإعراب: الكاف في قوله: «كدأب» كاف التشبيه، ويتصل بمحذوف تقديره: وأنهم في الكفر كدأب آل فرعون، أو حالهم في العذاب كحال آل فرعون، وموضع الكاف رفع؛ لأنه في خبر ابتداء محذوف.

  ونصب «فرعون» لأنه لا ينصرف؛ لأنه اسم أعجمي معرفة.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى أن حال هَؤُلَاءِ الكفار الَّذِينَ تقدم ذكرهم في كفرهم ونزول العذاب بهم كحال آل فرعون فقال تعالى: «كَدَأْب آلِ فِرْعَوْنَ» قيل: تقديره واتصاله بما قبله حال هَؤُلَاءِ في أنهم لا يغني عنهم مالهم لما كفروا، وحل العقاب بهم كدأب آل فرعون حين كذبوا، وحل بهم العقاب، واختلفوا في (دأب) فقيل: كعادة آل فرعون، عن ابن عباس وعكرمة ومجاهد والضحاك والسدي، يعني كفر هَؤُلَاءِ ككفر آل فرعون أو تكذيبهم، وقيل: كعادة اللَّه في آل فرعون بإنزال العذاب بما سلف من إجرامهم، وقيل: «كَدَأْب آلِ فِرْعَوْنَ» أي كسنة آل فرعون، عن الربيع والكسائي وأبي عبيدة، وقيل: كأمر آل فرعون وشأنهم عن الأخفش، وقيل: كأشباه آل فرعون، عن مقاتل، وقيل: كحال آل فرعون، عن قطرب، وقيل: كاجتهاد آل فرعون في كفرهم، عن الأصم والزجاج، وقيل: هو أصل الحذف يقال: دأبت في الأمر اجتهدت، ثم نقل إلى الشأن والعادة «وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ» كفار الأمم الماضية «كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّه» أي عاقبهم، وإنما قيل في المعاقبة مؤاخذة؛ لأنها أخذ بالذنب عقوبة «بِذُنُوبِهِمْ» أي بإجرامهم ومعاصيهم «وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَاب» لمن يعاقبه فاحذروا عقابه، وقيل: في الآية تقديم وتأخير: قل للذين كفروا ستغلَبون وتحشرون إلى جهنم كدأب آل فرعون. والأول الوجه؛ لأنه لا وجه للتقديم والتأخير إذا صح المعنى دونه.

  · الأحكام: تدل الآية على أن العقاب مستحق على الذنب؛ لذلك قال: «فَأَخَذَهُمُ اللَّه بِذُنُوبِهِمْ».