التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب 11}

صفحة 1104 - الجزء 2

  (في) أي: في يوم، وهو يوم القيامة «لاَ ريبَ فِيهِ» لا شك فيه «إِنَّ اللَّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ» يعني لا يخلف وعده، وقيل: هذه الآية متصلة بما قبلها وحكاية عن الراسخين إلا أنه مرة يخاطب، ومرة يذكر على وجه الحكاية، وقيل: بل هو كلام مستأنف؛ ولذلك قال: «إِنَّ اللَّه»، عن أبي علي، وأجاز الزجاج الوجهين، ثم بين حال الَّذِينَ في قلوبهم زيغ فقال تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ ... ١٠» التي لا تنفعهم ولا تكفي عنهم «من اللَّه شيئاً»، قيل: من بمعنى عند، عن أبي عبيدة، وقيل: هي لابتداء الغاية تقديره: لن تغني عنهم ابتداء وانتهاء، وقيل: من عذاب اللَّه «وَأُوْلَئِكَ هُمْ وَقودُ النَّارِ» أي حطب النار.

  · الأحكام: تدل الآية على وجوب الانقطاع إلى اللَّه تعالى في مسألة الدين والدنيا، قال القاضي: والأولى في الرحمة نعمة الدنيا، لأنه يكون متفضلاً بها.

  وفي «لَا تُزِغْ» الألطاف فتكون مسألتهم جامعة لخير الدارين.

  وتدل على إثبات المعاد؛ لأن الجمع يكون عنده.

  وتدل على أن الخلف لا يجوز عليه تعالى في وعده ووعيده.

  ولا حجة لمخالفينا في قوله: «لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا» على أنه يزيغ القلوب عن الحق؛ لأن ذلك لا يجوز عليه تعالى لقبحه، ولو ثبت ذلك لم تدل على أنه يفعله، كقوله: {وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ}

قوله تعالى: {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ١١}

  · اللغة: الدأب: العادة، دأب يدأب دأبًا إذا اعتاد دأَبًا ودأْبًا بسكون الهمزة وفتحها.

  والذنوب: جمع ذنب، وهي الجرم، أذنبت ذنبًا.