قوله تعالى: {الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون 22}
  والنِّدُّ: المِثْلُ، وقيل: الضد، عن أبي عبيدة، وقيل: حقيقة المثل المُنَاوِئ، كأن أصله من النَدُّ والنِدُّ والنَديدُ والنَدِيدةُ المثل.
  · الإعراب: (الذي): موضعه نصب؛ لأنه من صفة الرب، تقديره: اعبدوا ربكم الذي جعل لكم.
  · النزول: قيل: نزلت في الفريقين من الكفار والمنافقين، عن ابن عباس، وقيل: في اليهود، وقوله: {تَعلمُونَ} يعني: تعلمون أن ذلك في التوراة والإنجيل، عن مجاهد، والأول أصح.
  · المعنى: لما ذكر الله تعالى الاحتجاج على الكفار بدأ بأنفسهم منبهًا على ما فيها من عجيب خلقه ولطيف صنعه، ثم عطف عليها بذكر السماء والأرض منبهًا على ما فيه من دليل الواحدانية وآثار الصنعة، والتنبيه على النعمة، فقال تعالى: «الَّذي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِراشًا» يعني: بساطًا ساكنًا دائم السكون ليمكنكم التصرف عليه، «وَالسَّمَاءَ بِنَاءً» يعني سقفًا مرفوعًا مبنيًا «وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً» قيل: من نحو السماء، يعني: من السحاب، وقيل: من السماء حقيقة، «فَأَخْرَجَ به» بالماء «مِنَ الثَّمَرَات».
  والباء في (به) بمعنى السبب، وهو سبب من طريق العادة لا الوجوب؛ لأنه لو أنزل الماء، ولم يخرج النبات جاز، ولو أخرج النبات من غير ماء جاز، ولا تأثير للماء والأرض والبذر والشمس فيها، إلا أنه تعالى أجرى العادة بذلك مصلحة لعباده، «فَلاَ تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا» أي لا تصفوا اللَّه بالمثل والشبيه والضد، وقيل: لا تجعلوا عبادتكم لغيره فتكونوا قد جعلتم لله أندادًا، وقيل: هم الكفار يطيعونهم في معصية اللَّه، عن ابن مسعود، وقيل: أراد الأوثان، أي لا تتخذوها آلهة، «وَأَنْتُمْ تَعلَمُونَ» قيل: تعلمون أنه المنعم عليكم دون الأوثان، فإنها لا تنفع ولا تضر، فكيف تستحق