قوله تعالى: {الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار 16 الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار 17}
  لأن به يتم فعل الطاعة واجتناب المعاصي «وَالصَّادِقِينَ» في أقوالهم وأفعالهم واعتقاداتهم «وَالْقَانِتِينَ» قيل: المطيعين، عن قتادة، وقيل: الدائم على العبادة، عن الزجاج، وقيل: القنوت القيام بالواجب على التمام، عن القاضي «وَالْمُنْفِقِينَ» قيل: المؤدين للزكاة، وقيل: المنفقين أموالهم بوجوه البر «وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ» قيل: المصلين وقت السحر، عن قتادة، وقيل: السائلين المغفرة وقت السحر، عن أنس بن مالك، وقيل: المصلين صلاة الصبح بجماعة، وقيل: مؤدو الصلاة إلى وقت السحر، ثم استغفروا، عن الحسن.
  · الأحكام: تدل الآية على أمور:
  منها: وجوب الانقطاع إلى اللَّه تعالى بالدعاء.
  ومنها: أن الداعي يجوز أن يذكر طاعاته وما يقربه إلى اللَّه تعالى ثم يدعو.
  ومنها: أن المؤمن يعلم أنه مؤمن والعبد قد يعلم أنه أتى بخصال الإيمان في الماضي، وإن حمل على التصديق، فيصح أن يعلم في الحال والماضي.
  وتدل على أن التقوى تتكامل بهذه الصفات المذكورة في الآية، (وأن الجنة بجميعها تنال على ما تقوله).
  وتدل على مزية لوقت السحر في الدعاء؛ لأن العبد عنده يكون أبعد من الشواغل وسكونه أتم، فيتفكر في أحوال نفسه ومعاده، ويتفكر في صانعه ونعمه، ويتفكر في العاقبة، ويحاسب نفسه، ويتلافى ما فرط في الاستغفار والندم، وقيل: إنما خص بالذكر؛ لأن العبد فيه قد فارق طيب المضجع، ولذة الفراش، وهجر صاحبته، وعَبَدَ اللَّه ودَعَاه، فيكون أقرب إلى الإجابة.