التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار 16 الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار 17}

صفحة 1116 - الجزء 2

  والصبر: حبس. النفس عن الشيء بمنعها منه.

  والصدق: الخبر عن الشيء على ما هو به، ونقيضه الكذب.

  والقنوت أصله الدوام.

  والاستغفار: طلب المغفرة.

  · الإعراب: موضع: «الَّذِينَ» من الإعراب يحتمل ثلاثة أوجه: الجر، والنصب، والرفع:

  فالجر على الإتباع «لِلَّذِينَ اتَّقَوْا»، والرفع على هم الَّذِينَ يقولون فيكون خبر الابتداء، والنصب على المدح بتقدير: أعني الَّذِينَ يقولون. ونصب (الصابرين والصادقين) على المدح، كأنه قال: أعني الصابرين؟ قال الشاعر:

  لا يَبْعَدَنْ قَوْمي الَّذِينَ هُمُ ... سُمُّ العُدَاة وَآفَةُ الجُزُرِ

  النَّازِلَيِن بِكُل مُعْتَرِكٍ ... وَالطَّيِّبُونُ مَعَاقِدَ الُأزُرِ

  بتقدير: أعني النازلين، ويجوز رفع «الصابرين» وما بعده على الابتداء والخبر، وقيل: «الصابرين» في موضع جر على البدل من «الَّذِينَ».

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى صفة المتقين، فقال: «الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا» أي صدقنا اللَّه ورسوله، وقيل: أتينا بخصال الإيمان «فَاغفِرْ لَنَا» أي اعف عن ذنوبنا، لا تعاقبنا بها بعد التوبة «وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ» أي ارفع عنا عذاب النار.

  ومتى قيل: إذا حملتم المغفرة على التائب، فذلك واجب، فما معنى السؤال؟

  قلنا: فيه وجهان:

  أحدهما: أن التعبد به مصلحة.

  الثاني: أن إعطاءه قد لا يكون مصلحة إلا بعد السؤال، فلا يعطيه دونه.

  «الصَّابِرِينَ» قيل: على الطاعة، وعن المعصية، وإنما ذكر الصبر عقيب الإيمان؟