قوله تعالى: {إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم 21 أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين 22}
  رجل واثنا عشر رجلاً من عباد بني إسرائيل فأمروا من قتلهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر فقتلوا جميعًا في آخر النهار في ذلك اليوم، وهو الذي ذكر اللَّه تعالى»، وقيل: أراد ملوك بني إسرائيل، عن مقاتل، وقيل: أراد قتل يحيى بن زكريا «وَيقتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ» بالعدل «مِنَ النَّاسِ» قيل: يحتمل أن يكون المراد به أسلافهم، ويحتمل أن يكون المراد به الَّذِينَ كانوا في زمن النبي ÷، عن أبي مسلم «فَبَشِّرْهُمْ» أي أخبرهم «بعَذَابٍ» معد لهم «أَلِيمٍ» موجع.
  ويقال: كيف قال: «فَبَشِّرْهُمْ» والخبر عن أسلافهم بقتل الأنبياء؟
  قلنا: لأنهم رضوا بأفعالهم واقتدوا بهم فأجملوا معهم، تقديره: بشر أخلافهم بأن العذاب لهم ولأسلافهم، وقيل: قوله: «يقتلون» يحتمل رضوا بقتلهم، ويحتمل من شأنهم القتل، ويحتمل على الحاضرين، عن الأصم «أُوْلَئِكَ» يعني من تقدم ذكرهم «الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ» بطلت أعمالهم يعني إيمانهم ببعض الكتب وببعض الأنبياء، وقيل: المراد ما يستحقونه على أعمالهم في الدنيا من الحمد والثناء وولاية المؤمنين، وفي الآخرة بطلان الثواب واستحقاق العقاب، وقيل: بطلت أعمالهم التي طلبوا أنهم يتقربون بها إلى اللَّه، عن أبي مسلم.
  · الأحكام: تدل الآية على عظم حال من أمر بالمعروف وعظيم ذنب من قتله، وأنه بمنزلة من قتل نبيًا لذلك قرنه به.
  وتدل على أن الأمر بالمعروف يحسن، وإن خاف القتل؛ لأنه أطلق فيدل على صحة ما يقوله مشايخنا أنه إذا خاف على نفسه، فالأولى أن يقوم بذلك لما فيه من إعزاز الدين، وقد روى الحسن عن النبي ÷ أنه قال: «أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر يقتل عليه»، وقال عمرو بن عبيد: لا يعلم عملاً من أعمال البر أفضل من القيام بالقسط يقتل عليه.