التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم 31 قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين 32}

صفحة 1142 - الجزء 2

  · النزول: قيل: نزلت الآية في قوم من أهل الكتاب قالوا: نحن الَّذِينَ نحب ربنا، فجعل تصديق ذلك اتباع رسوله، عن الحسن وابن جريج.

  وقيل: وقف النبي ÷ على قريش في المسجد الحرام وقد نصبوا الأصنام، وزينوها وسجدوا لها، فعابهم وقال: «لقد تركتم ملة أبيكم إبراهيم وإسماعيل»، فقالوا: إنما نعبدها حبًا لله، فنزلت الآية، عن جويبر عن الضحاك.

  وقيل: لما قالت اليهود: نحن أبناء اللَّه وأحباؤه، نزلت هذه الآية، عن أبي صالح عن ابن عباس.

  وقيل: نزلت في نصارى نجران لما قالوا: إنا نعظم المسيح حبًا لله. فنزلت الآية، عن محمد بن جعفر بن الزبير.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى أن الإيمان بِاللَّهِ إنما يجدي إذا قرن بالإيمان بالرسول واتباعه، فقال تعالى: «قُلْ» يا محمد «إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّه» أي تريدون طاعته واتباع أمره «فَاتَّبِعُونِي» أي اتبعوا شريعتي، وقيل: أحبوني، عن الأصم «يُحْبِبْكمُ اللَّهُ» يرضى عنكم ويثني عليكم «وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ» يعني ما كان منكم من معصية في الكفر يغفره بعد الإسلام «وَاللَّهُ غَفُورٌ» لمن تاب «رَحِيمٌ» بخلقه حيث يعفو عنهم مع جحدهم إياه وكفرهم به، ثم بَيَّنَ تعالى الحث على الاتباع فقال تعالى: «قُلْ» يا محمد لهم «أَطِيعُوا اللَّه» في الفرائض «وَالرَّسُولَ» في السنن، وقيل: أطيعوا اللَّه في أوامره، وأطيعوا الرسول فيما يؤدي، «فَإِنْ تَوَلَّوا» أعرضوا عن طاعة اللَّه وطاعة رسوله «فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ» أي لا يرضى فعلهم، ولا يريد تعظيمهم، ولا يثني عليهم.