قوله تعالى: {فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يامريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب 37}
  والقبول مصدره جاء بالفتح والضم، فأما الضم فهو القياس نحو الدخول والخروج، وأما الفتح فقال أبو عمرو بن العلاء: لا نظير له ولم أسمعهم ضموه، وقال الكسائي: يجوز بالضم، وقال سيبويه: خمسة مصادر جاءت على فَعُول بالنصب: قَبول، ووَضُوء، وطَهور، ووَلوع، ووَقود، إلا أن الأكثر في (وَقود) إذا كان مصدرًا الضم.
  والكَفْل: تضمن مؤنة الإنسان، كفلته. أَكْفُلُهُ كَفْلاً، وأنا كافل إذا تكفلت مؤنته، والكيل: الضامن.
  وفي زكريا ثلاث لغات: المد والقصر وزَكَرِيّ بالياء مثل قرشي، وأحكامها مختلفة في التثنية والجمع، فالممدود زكرياء وزكريّاءَان وزكرياؤون، وفي المقصور زكَرِيَّانِ وزَكَرِيُّون، وفي الذي بالياء زَكَرِيِّانِ وزَكَرِيُّون.
  والمحراب: مقام الإمام في المسجد، وأصله أكرم موضع في المجلس وأشرفه، والمحراب أشرف المجالس، فيقال للمسجد أيضًا محراب، ومنه: {مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ} قيل: من مساجد، وقيل: إنه أخذ من الحرب؛ لأنه حارب فيه الشيطان، وقيل: اشتقاقه من حريبة الرجل وهو ماله، فلما كان ذلك البناء موضعا للحريبة ومستودعًا لها سمي محرابًا عن أبي مسلم.
  والرزق: العطاء الجاري، وحده ما للإنسان أن ينتفع به وليس لغيره منعه، والحرام ليس برزق؛ لأنه ممنوع منه، مُعَاقَبٌ عليه.
  · الإعراب: (زكريا): لا ينصرف؛ لأنه فيه ألف التأنيث، وقيل: لأنه أعجمي معرفة، قال علي بن عيسى: فينبغي أن يصرف في النكرة، وزَكَرِيٌّ يصرف؛ لأنه خرج بياء النسبة إلى شبه العربي كما خرج مَدَائِنٌّ، عن أبي العباس.
  وقال: «نبَاتًا» ولم يقل: إنباتًا؛ لأنه إذا قال أنبتها فكأنما قيل: نبتت، وقيل: لأن النبات اسم، عن الأخفش، وقال المفضل: تقديره: أنبتها فنبتت نباتًا حسنًا وغيره لم يُقدر ذلك.