التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين 23}

صفحة 286 - الجزء 1

  ومتى قيل: هل للقرآن مثل؟

  قلنا: نعم في مقدوره تعالى، لا يقدر عليه غيره لكونه معجزًا، فهو كَفَلْقِ البحر، وقلب العصا حية، وإحياء الموتى.

  ومتى قيل: لو لم يكن له مثل، أكان يصح التحدي به؟

  قلنا: قال القاضي: نعم؛ لأن وجه الإعجاز لا يتعلق بكون مثله مقدورًا، وقال علي بن عيسى: لا كالقديم.

  ومتى قيل: بأي شيء وقع التحدي في قوله: «مِنْ مِثْلِهِ»؟

  قلنا: من جزالة اللفظ، وحسن المعنى والفصاحة التي اختصت به، والإخبار عن الغيوب.

  «وَادْعُوا شُهَدَاءَكم» معنى ادعوا: استعينوا واستنصروا بهم، «شُهَدَاءَكم»، قيل: أعوانكم على ما أنتم عليه، عن ابن عباس. وقيل: آلهتكم، عن الفراء وأبي علي، وقيل: ناس يشهدون لكم، عن مجاهد وابن جريج، يعني: يشهدون لكم أنكم عارضتم القرآن. وقيل: من يشهد لكم ويوافقكم في مذهبكم. وقيل: كبراءكم وأماثلكم، عن أبي مسلم.

  ومتى قيل: كيف تسمى آلهتهم شهداء وهي جماد؟

  قلنا: عندهم أنهم يشهدون لهم فسماهم شهداء على زعمهم، وقيل: إنهم يحضرونهم ويشهدونهم، وهذا تحدٍّ وتعجيز، وليس بأمر، «إِنْ كُنتم صَادِقِينَ» أن محمدًا يقوله من تلقاء نفسه، فإنه يتكلم بلغتكم، فإذا لم تقدروا عليه فاعلموا أنه ليس من قِبَلِهِ، وقيل: «إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ» فيما تزعمون.

  · الأحكام: الآية صريحة في الحِجَاج والنظر في الدين وصحته، فيبطل قول من لا يرى الحجاج.