قوله تعالى: {إذ قالت الملائكة يامريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين 45 ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين 46}
  وقيل: المسيح الملك، عن أبي عمرو بن العلاء، وقيل: هو الصديق، عن إبراهيم، عيسى بن إبراهيم: سماه عيسى مسيحًا، قيل: عيسى اسمه والمسيح لقبه حصل له بعد ذلك فعرف به واشتهر، وقيل: سماه عيسى ابن مريم ردًّا على النصارى أنه ابن اللَّه «وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ» يعني شريفًا ذا قدر وجاه في الدارين «وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ» إلى ثواب اللَّه وكرامته «وَيُكَلِّمُ النَّاس فِي الْمَهْدِ»، والمهد مضجع الصبي في رضاعه، عن ابن عباس يعني يكلم وهو صبي في المهد «وَكَهْلًا» بعدما علا وصار كهلاً، وقيل: الكُهولة أربعون سنة، وقيل: الكهل: الحليم، عن مجاهد والأول أظهر، واختلفوا في معنى قوله: «وَيُكَلّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً» قيل: يكلم في المهد معجزة له، وبعدما صار كهلاً بالوحي الذي يأتيه من اللَّه على حد واحد، عن أبي مسلم وجماعة، وقيل: يبلغ حال الكهل والسن، عن الأصم، وقيل: إنه ينزل وهو كهل، وقيل: يكلم الناس في المهد ببراءة أمه، وكهلا بالنبوة، وقيل: يكلم الناس في المهد وكهلاً، وهو على الحالتين نبي «وَمِنَ الصالحينَ» أي وهو من العباد الصالحين، وقيل: يكلم الناس في المهد وكهلاً ردّ على النصارى بما كان عليه من التقليب في الأحوال، وذلك ينافي الإلهية.
  · الأحكام: تدل الآية على أن عيسى كان نبيًّا في حال الطفولية؛ ولذلك قال: {وَجَعَلَني نبَيًّا} ولا مانع من حمله على ظاهره.
  ومتى قيل: كيف يكون طفلاً نبيًّا؟
  قلنا: يكمل اللَّه عقله، ويقوي بدنه ولسانه، ويصح منه الاستدلال والاستدعاء فيصح أن يكون نبيًّا، وإنما يصح فيه تلك المقدمات بتدريج لضرب من المصلحة، فأما من حيث القدرة فيجوز حصوله في لحظة، وقد ثبت أنه تعالى عند إعادة الخلق يصيرهم عقلاء أقوياء في لحظة، وكذلك خلق الملائكة، وتدل على معجزات حصلت قبل مولد عيسى وبعد مولده، فما كان بعد مولده فهو معجزة له مقارنة لدعواه، وما كان قبل ذلك اختلفوا فقيل: معجزة لزكريا، عن أبي علي وأبي هاشم، وقيل: كان