قوله تعالى: {إذ قالت الملائكة يامريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين 45 ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين 46}
  قلنا: وإن كان كذلك فكل مولود يكون من ذكر وعلوق، ويختلف عليه الحال بخلاف عيسى، وقيل: وصف به لقبًا؛ إذ لا معنى يشار إليه لأجله وصف بذلك، كغيره من أسمائه، عن النظام، وهو نحو: زيد وعمرو كما يسمى أبو إبراهيم آزر، وقيل: وصف بذلك؛ لأنه تعالى خلق كلمة فقلبها وخلق منها عيسى كما خلق آدم من تراب وبني آدم من نطفة، عن الأصم، وهذا فاسد؛ لأن العَرَضَ لا يجوز أن ينقلب جسمًا، وقيل: وصف بذلك من حيث تقدم الإخبار عن شأنه والبشارة به، فوصف أنه كلمة لدلالة الكلام عليه تفخيمًا لأمره، والكلمة بمعنى الوعد كقوله: {لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ}، عن الجاحظ وأبي مسلم، وذكر أن في التوراة: (أتانا اللَّه من سينا وأشرق من ساعير واستعلن من جبال فاران، وساعير موضع مبعث عيسى #، وقيل: إنه نصب هاديًا ومبينًا تشبيهًا بالكلمة الموضوعة للدلالة والبيان، عن أبي علي وأبي هاشم، وقيل: وصف بأنه كلمة من حيث كان به معرفة البشارة التي هي كلمة فلا شبهة أنه ليس بحقيقة فيه؛ لأن الكلمة ما يتألف من حروف، فوصف بذلك توسعًا لبعض ما ذكرنا، والأقرب ما قاله شيخانا، وقوله: {وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ} يعني عيسى # خلقه في بطنها «اسْمُهُ الْمَسِيحُ» قيل: سمي مسيحًا لأنه مسح باليمن والبركة، عن الحسن وسعيد، وقيل: مسح بالتطهير من الذنوب، وقيل: مسح بالدهن الذي جرت العادة أن يمسح به الأنبياء، عن أبي علي، وقيل: مسحه جبريل بجناحه وقت ولادته ليكون عوذة من الشيطان، وقيل: هو فَعِيل بمعنى فاعل يعني كان يمسح المريض فيبرأ والميت فيحيا والأعمى فيبصر، وقيل: كان يمسح رأس اليتامى لله، وقيل: كان يمسح الأرض، ويجلس عليها تواضعًا، وقيل: سمي بذلك لأنه كان لا يقيم موضعا يسيح في الأرض، وعلى هذا تكون الميم زائدة، وقيل: لأنه خرج من بطن أمه ممسوحا،