قوله تعالى: {قل ياأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون 64 ياأهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون 65 هاأنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون 66}
  وثانيها: أن يكون الخبر «هَؤُلَاءِ» على معنى أولاء بمعنى الذي وما بعده صلة له، و (لمَ) أصله «لما»، ومعناه لأي شيء حذفت الألف؟ فرقًا بين الاستفهام والخبر، تقول في الخبر: أسأل عما تسأل، فلا تحذف الألف؛ لأن معناه أسأل عن الذي تسأل، وتقول: جئت لما كان منك، فلا تحذف الألف، والمعنى: جئتك للذي كان منك.
  في قوله: «حاججتم» أظهر الجيمين؛ لأن الجيم الأخير التي هي لام الفعل ساكنة فهو كقولك: رددت، وأدغمت في قوله: «فلم تحاجون»؛ لأن اللام متحركة، فالأول فاعلتم، والثاني تفاعلون.
  · النزول: قيل: اجتمعت أحبار اليهود ونصارى نجران عند رسول اللَّه ÷ فتنازعوا في إبراهيم، فقالت اليهود: ما كان إلا يهوديًا، وقالت النصارى: ما كان إلا نصرانيًّا، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية، عن ابن عباس والحسن وقتادة والسدي.
  وذكر المفسرون أنهم لما اختلفوا سألوا النبي ÷ عن ذلك، فقال: «بل كان بريئًا من الفريقين، وكان حنيفًا مسلمًا وأنا على دينه»، فقالت اليهود: يا محمد ما نريد إلا أن نتخذك ربًّا كما اتخذت النصارى عيسى، وقالت النصارى: واللَّه يا محمد، ما نريد إلا أن نقول فيك بما قالت اليهود في عزير، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية.
  · المعنى: لما تم الحجاج على القوم ابتدأ بذكر التوحيد والدعاء إليه والاقتداء بمن اتفقوا أنه كان على طريق الحق فقال تعالى: «قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ» يعني الَّذِينَ أوتوا الكتاب، وقيل: من لهم علم الكتاب، ثم اختلفوا، فقيل: هو خطاب لنصارى نجران، عن محمد بن جعفر بن الزبير والحسن والسدي وابن زيد، وقيل: خطاب ليهود المدينة، عن قتادة والربيع وابن جريج، وقيل: نزلت الآية في الفريقين من أهل الكتاب، عن