التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين 67 إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين 68}

صفحة 1197 - الجزء 2

  · اللغة: اليهود قيل: في أصله قولان: أحدهما أنهم أولاد يهوذا، والآخر أنه أخذ من هاد يهود إذا رجع.

  وفي النصارى قولان: أحدهما أنه أخذ من (ناصرة) قرية بالشام، والآخر أنه من نصر المسيح، ثم اختلفوا فقيل: إنهما صفتا ذم. لذلك نفى اللَّه تعالى ذلك عن إبراهيم، وقيل: بل هي نسبة فلذلك نفى، ولا شبهة أنهما الآن صفتا ذم.

  والحَنَفُ هو الاستقامة، وسمي معوج الرِّجل أحنف تفاؤلاً كما يقال: مفازة، والأعمى بصيرًا، وقيل: أصله الميل، ومنه الحنف في القدم، والحنيف المائل إلى الحق.

  والإسلام أصله الانقياد، وصار في الشرع عبارة عن جميع الواجبات كالإيمان؟

  ولذلك صار اسم مدح.

  والاتباع أن يجري الثاني على طريقة الأول من حيث هو عليه، تبعه فهو تبع وتابع، وذلك متبوع، وأَوْلَى وزنه أفعل، فلا يثنى ولا يجمع؛ لأنه يتضمن معنى الفعل والمصدر على تقدير يزيد فضله على فضله.

  · النزول: قيل: قالت اليهود: كان إبراهيم يهوديًّا، وقالت النصارى: كان نصرانيًّا، فكذبهم اللَّه تعالى، وأنزل هذه الآية، عن الحسن وقتادة وعامر الشعبي.

  قال ابن عباس: قال رؤساء اليهود: لقد علمت يا محمد أنَّا أَوْلَى بدين إبراهيم، وإنما تقول ما تقول حسدًا لنا، فنزلت الآية: «إِنَّ أَوْلَى النَّاس».

  وقيل: جرى بالحبشة في مجلس النجاشي بين جعفر وعمرو بن العاص كلام في إبراهيم، فقال النجاشي |: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ آمنوا بمحمد أولى بإبراهيم، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية بالمدينة على رسوله «إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ» عن محمد بن إسحاق.