قوله تعالى: {وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون 72 ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم 73 يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم 74}
  في كتبنا وشاورنا علماءنا فوجدنا محمدًا أنه ليس بنبيٍّ، وظهر لنا كذبه، فإذا فعلتم ذلك شك أصحابه في دينهم، وقالوا: هم أهل الكتاب، وهم أعلم به، فيرجعون عن الإسلام، عن الحسن والسدي.
  وقيل: كان هذا في شأن القبلة لما حولت إلى الكعبة شق ذلك على اليهود فقال كعب بن الأشرف لأصحابه: آمنوا بالذي أنزل على محمد من أمر الكعبة، وصلوا إليها أول النهار، وارجعوا إلى قبلتكم آخره لعلهم يقولون: هَؤُلَاءِ أهل كتاب فيشكون، عن مجاهد ومقاتل.
  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى كيفية تلبيسهم بعد ما تقدم أنهم يلبسون فقال تعالى: «وَقَالَتْ طَائِفَةٌ» جماعة، قيل: أحبار خيبر وقرى عرينة، عن الحسن، وقيل: كعب بن الأشرف قال لجماعة من اليهود، عن مجاهد، وقيل: علماؤهم، وقال بعضهم لبعض، عن الأصم «آمِنُوا» قيل: أظهروا التصديق بالذي أنزل على محمد وأصحابه أول النهار واكفروا آخره، واختلفوا في معناه على أقوال:
  أولهما: أظهروا الإيمان أول النهار، وارجعوا عنه آخره، فإنه أحرى أن ينقلبوا عن دينهم، عن الحسن وجماعة.
  وثانيها: قال بعضهم لبعض: إن كذبتموه في جميع ما جاء به فإن ضعفاءكم يعلمون أن كثيرًا مما جاء به حق، فيبين لهم أنكم أنكرتم ما كنتم به مؤمنين، فصدقوه في بعض، وكذبوه في بعض ليشك الناس، عن الأصم.
  وثالثها: آمنوا بصلاتهم إلى الكعبة أول النهار، واكفروا آخره ليرجعوا بذلك في دينهم، عن مجاهد.
  ورابعها: أظهروا الإيمان في صدر النهار لما سلف منكم من الإقرار بصفة محمد، ثم ارجعوا في آخره لتوهموا أنه بانَ غلط منكم.