قوله تعالى: {وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون 72 ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم 73 يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم 74}
  وخامسها: أظهروا الإيمان إذا لقيتموه، وارجعوا إلى الكفر إذا انقلبتم عنهم استهزاء بهم وإضلالاً للناس، عن أبي مسلم.
  «لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ» أي عن دينهم، وهو دين الإسلام، عن ابن عباس والحسن وقتادة ومجاهد «وَلاَ تُؤْمِنُوا» قيل: قائله يهود خيبر ليهود المدينة، عن الحسن، وقيل: قال بعض اليهود لبعض، عن قتادة والربيع والسدي وابن زيد، وهو عطف على ما مضى أي لا تصدقوا «إِلَّا لِمَنْ تَبِحَ دِينَكُمْ»، وقيل: لا تصدقوه يعني محمدًا إلا عند من تبع دينكم ويكون منكم، ولا تصدقوه عند المشركين فيؤمنوا، عن الأصم «قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّه» في تقدير الآية ومعناها أقوال:
  الأول: أن قوله: «قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّه» اعتراض بين كلامين: فالأول: «ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم»، والآخر: «أَن يُؤْتَى أَحَدٌ مِثلَ ما أُوتِيتم أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكمْ» كلاهما حكاية كلام اليهود، وقيل: «إِنَّ الْهُدَى هُدَي اللَّهِ» كلام اللَّه تعالى جوابًا لهم وردًّا عليهم، فعلى هذا التقدير اختلفوا، وقيل: تقديره: ولا تصدقوا إلا من تبع دينكم، ولا تصدقوا من خالف دينكم، ولا تصدقوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم من النبوة والعلم والحجة، ولا تصدقوا أنهم يحاجوكم به عند ربكم؛ لأنه لا حجة لهم، «قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ»، والفضل بيد اللَّه يؤتيه من يشاء في معنى قول الحسن وأبي مسلم والأخفش، وقيل: تقديره: ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم كراهة أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم، فأضمر كراهة أي كراهة أن يؤتى غيركم ما أوتيتم، فأي فضل يكون لكم عليهم إذا علموا ما علمتم، وحينئذ يحاجونكم عند ربكم فيقولون: أقررتم أن ديننا حق قل: إن الهدى هدى اللَّه، في معنى قول أبي العباس، ويحتمل على هذا أن يضمر بدل كراهة، كقوله: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} أي لئلا تضلوا، وتقديره: ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم؛ لئلا يؤتى أحد مثل ما أوتيتم من الفضل والعلم، ولئلا يحاجوكم بأنكم اعترفتم، عن ابن جريج واليمان بن رباب، وقيل: تقديره: ما يؤتى أحد مثل ما أوتيتم من العلم بمحمد ونبوته؛ يعني كما تعرفونه لا يعرفه غيركم، فلا تظهروه لغيركم، فيحتج عليكم به، وقيل: يحاجوكم باعترافكم قبل مبعثه، ثم حجوكم به بعد مبعثه، عن الأصم.