التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم 77}

صفحة 1217 - الجزء 2

  واعترف بالحق، عن ابن جريج، وروي عن الأشعث أنه اختصم هو وخصم له إلى رسول اللَّه ÷ فقال له النبي ÷: «شاهداك أو يمينه»، قلت: إنه يحلف ولا يبالي فقال ÷: «من حلف على يمين يستحق بها مالاً هو فيها فاجر لقي اللَّه تعالى وهو عليه غضبان» فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية، عن أبي وائل عن الأشعث، قال: فِيَّ نَزَلَتْ.

  وقيل: نزلت في رجل حلف يمينًا فاجرة في تنفيق سلعة، عن مجاهد وعامر.

  وقيل: نزلت في عبدان وامرئ القيس اختصما إلى رسول اللَّه ÷ في أرض، فتوجه اليمين على امرئ القيس، فقال: أنظرني إلى الغد، ثم جاء من الغد، وأقر له بالأرض.

  · المعنى: لما حكى اللَّه تعالى عنهم من أفعالهم الخبيثة، وأنهم أضافوا ذلك إلى اللَّه تعالى وحلفوا عليه عقبه بذكر الوعيد فقال تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ يَشترُونَ» يستبدلون «بِعَهْدِ اللَّه» قيل: أوامره لهم في كتبهم فتركوها، وقيل: كتمانهم أمر اللَّه في إظهار نبوة محمد ÷ «وَأَيْمَانِهِمْ» يقتطعون بأيمانهم الكاذبة أموال الناس «ثَمَنًا قَلِيلًا» عوضًا نزرًا، وسماه قليلاً؛ لأنه قليل في جنب ما يفوتهم من ثواب اللَّه تعالى واستوجبوا من عقابه، وقيل: لأن ما أخذوه يفنى، وما فاتهم دائم يبقى «أُوْلَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ» أي لا نصيب لهم في نعيم الآخرة «وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّه وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» قيل: لا يكلمهم بما يسرهم، ولا يجيبهم كما يفعل بالمؤمنين، بل يكلمهم بما يسوؤهم، عن أبي علي، وقيل: لا يكلمهم أصلاً، والمحاسبة موكولة إلى الملائكة «وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» أي لا يرحمهم ولا يحسن إليهم «وَلاَ يُزَكيهِمْ» أي لا يطهرهم، ولا يطهروا أعمالهم مما