قوله تعالى: {ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون 79 ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون 80}
  · اللغة: البشر من البشَرَة سمي بذلك لظهوره، ويقع على الواحد والجمع؛ لأنه بمنزلة المصدر نحو الخلق، تقول: هذا خلق، وهَؤُلَاءِ خلق، كذلك هذا بشر وهَؤُلَاءِ بشر.
  والرباني: قيل: في أصله قولان:
  الأول: الرُّبّان، وهو مَن يرب أمر الناس بتقديره لهم وإصلاحه إياه رَبَّ أمره يَرُبُّهُ، وهو رُبّان إذا دبره، وسمي العالِم ربانيًّا؛ لأنه بالعلم يدبر الأمور، ويصلحها.
  الثاني: أنه مضاف إلى الرب وعلمه، وهو علم الدين الذي أمر به إلا أنه عبر بالإضافة ليدل على هذا المعنى، كما يقال: نجراني ولحياني، واشتقاقه من الرب، وهو الذي يربه ويدبر أمره، ومنه قول بعض قريش: لأن يربني رجل من قريش أحب إليّ من رجل من هوازن.
  وتدرسون من الدرس، وفي التنزيل {وَدَرَسُوا مَا فِيه}.
  · الإعراب: يقال: ما معنى الباء في قوله: «بِمَا كُنْتُمْ»؟
  قلنا: فيه ثلاثة أقوال:
  الأول: كونوا معلمين الناس بعلمكم، كما يقول: انفعه بمالك.
  الثاني: كونوا ممن يستحق أن يطلق له صفة عالم بعلمه على جهة المدح بإخلاصه مما يحبطه.
  والثالث: كونوا ربانيين في علمكم ودراستكم، وقعت الباء موقع (في).