قوله تعالى: {ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون 79 ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون 80}
  والألف في قوله: «أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ» ألف استفهام، والمراد الإنكار.
  · النزول: قيل: إن أبا رافع القرظي من اليهود، ورئيس وفد نجران قالوا لرسول اللَّه ÷:
  أتريد أن نعبدك ونتخذك إلهًا، فقال: «معاذ اللَّه أن أعبد غير اللَّه وآمر بعبادة غير اللَّه، ما بذلك بعثني، ولا بذلك أمرني» فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية، عن ابن عباس وعطاء.
  وقيل: إن رجلاً قال: يا رسول اللَّه، نسلم عليك كما يسلم بعضنا على بعض، أفلا نسجد لك؟ فقال ÷: «لا ينبغي لأحد أن يسجد لأحد من دون اللَّه، ولكن أكرموا نبيكم، واعرفوا الحق لأهله» فأنزل اللَّه تعالى هذه، عن الحسن.
  وقيل: نزلت في نصارى نجران لما ادعوا عبادة المسيح، عن الضحاك ومقاتل.
  · المعنى: لما تقدم ذكر الكتاب، وأنهم أضافوا ما يدينون به من الشرك إلى الأنبياء نزههم اللَّه تعالى عن ذلك فقال سبحانه: «مَا كَانَ لِبَشَرٍ» يعني ما ينبغي له أن يقول ذلك، كقوله: {مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا} وقيل: اللام منقولة، و (أن) بمعنى الألف واللام تقديره: ما كان البشر ليقول، نظيره قوله: {مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا} {وَمَا كاَنَ لِنبيٍّ أَن يَغُلَّ} أي ما كان النبي ÷ ليغل، وقيل: ما كان من صفة الأنبياء هذا، عن أبي مسلم، وقيل: ما كان لنبي أن يقول له ذلك؛ لأنه يحيل بينه وبين ذلك، ولم يكن اللَّه يوحي إليه لو كان يقول ذلك، عن الأصم، وقيل: ما كان اللَّه ليصطفي لرسالته الكَذَبَةَ، والكل متقارب، قال أبو علي: هذا إخبار بأنه لا يقول ذلك، يعني أنه ليس له ذلك؛ لأنه منهي عنه محرم عليه، وعلى جميع العباد والبشر،