التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين 91}

صفحة 1239 - الجزء 2

  ويقال: لم دخلت الواو في «وَلَوِ افْتَدَى بِهِ»؟

  قلنا: فيه قولان:

  الأول: لتفصيل نفي القبول بعد الإجمال؛ لأن قوله: «فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا» عم جميع القبول بالنفي، ثم أتى بالتفصيل لئلا يتطرق عليه سوى التأويل.

  الثاني: لأنه زيادة ذكر للتفخيم، وتقديره ذهبًا لو افتدى به، قال الزجاج: وهو غلط.

  · النزول: قيل: نزلت الآية في اليهود كفروا بعيسى بعد إيمانهم بأنبيائهم، ثم ازدادوا كفرا بمحمد، عن الحسن وقتادة وعطاء الخراساني.

  وقيل: نزلت في اليهود والنصارى كفروا بمحمد لما رأوه وعرفوه بعد إيمانهم ببعثه وصفته، ثم ازدادوا كفرًا بذنوبهم وإصرارهم، عن أبي العالية.

  وقيل: نزلت في الكفار كلهم أشركوا بِاللَّهِ بعد إقرارهم أنه خالقهم، ثم ازدادوا كفرًا بالإقامة على كفرهم حتى ماتوا عليه، عن مجاهد.

  وقيل: نزلت في الأحد عشر من أصحاب الحارث بن سويد، قالوا: نقيم بمكة، فلما افتتح رسول اللَّه ÷ مكة منهم من تاب، ومنهم من كان مات على كفره، فنزلت فيهم الآية.

  · المعنى: لما تقدم ذكر التوبة المقبولة بَيَّنَ منها ما لا يقبل، فقال تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا» جحدوا الحق «بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا» قيل: هم اليهود والنصارى آمنوا