التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون 102 واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون 103}

صفحة 1260 - الجزء 2

  الجزأين وطوبة، وفي الآخر يبوسة، وقع على وجه الالتزاق ولا يحصل في فعل العباد إلا متولدًا، واختلفوا في سببه فقيل: يتولد عن الكون، وقيل: عن الاعتماد، والأول الصحيح.

  وأنقذته من الشيء خلصته، والنَّقَذُ ما أنقذته.

  وشفا كل شيء حَرْفُهُ، وهو مقصور، أشفى على الشيء أشرف عليه، وأشفى المريض على الموت من ذلك، وهو إذا قرب منه.

  والحفرة: المكان المطمئن، وجمعه حُفَرٌ.

  · الإعراب: (تَفَرَّقُوا): أصله تتفرقوا بتاءين أحدهما تاء التفعل، والثاني تاء الخطاب، حذفت إحداهما لاجتماع حرفين من جنس واحد، وإنما حذفت تاء الأصل؛ لأن الثانية علامة فلا تحذف.

  «فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا» الكناية تنصرف إلى الحفرة؛ لأن «شفا» منها، فجاز صرف الكناية إليها.

  · النزول: قيل: نزلت الآية في الأوس والخزرج، وكانت بينهما عداوة وحروب في الجاهلية، فأصلح رسول اللَّه ÷ بينهم، فجرى بين بعضهم شيء حتى ذكروا ما جرى بينهم في الجاهلية حتى أخذوا السلاح، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية، فقرأها عليهم، فاصطلحوا عن مقاتل.

  · المعنى: لما نهى اللَّه تعالى المؤمن عن قبول قول الكافرين بين في هذه الآية ما يجب قبوله فقال: «يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ» قيل: «أن يطاع فلا يعصى،