التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون 102 واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون 103}

صفحة 1261 - الجزء 2

  ويشكر فلا يكفر، ويذكر فلا ينسى». عن عبد اللَّه والحسن وقتادة. وروي مرفوعًا، وقيل: هو اتقاء جميع معاصيه، عن أبي علي، وقيل: أن تجاهدوا في اللَّه، ولا تأخذكم فيه لومة لائم، وتقوموا لله بالقسط على أنفسكم وآبائكم وأبنائكم، عن مجاهد، وقيل: كما يجب أن تتوقوه، عن أبي مسلم «وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ» النهي وقع على الموت، وهو في الحقيقة واقع على ترك الإسلام، يعني لا تتركوا الإسلام، ودوموا عليه حتى تموتوا وأنتم مسلمون، وهذا كقولهم: لا أرينك ههنا أي لا تكن ههنا فأرينك، وقيل: مسلمون مؤمنون، وقيل: مخلصون مفوضون أموركم إلى اللَّه «وَاعْتَصِمُوا» قيل: تمسكوا، وقيل: امتنعوا به من غيره «بِحَبْلِ اللَّه» قيل: القرآن، عن أبي سعيد الخدري وعبد اللَّه. وقتادة والسدي وأبي علي، وروي مرفوعا، وقيل: حبل اللَّه دين اللَّه الإسلام، عن ابن عباس وابن زيد، وقيل: عهد اللَّه، عن مجاهد وعطاء، وقيل: طاعته وأمره، عن مقاتل، وقيل: هو إخلاص التوحيد، عن أبي العالية، وقيل: الجماعة، عن ابن مسعود وابن عباس، وقيل: حبل اللَّه أهل بيت رسول اللَّه، عن جعفر بن محمد قال: نحن حبل اللَّه الذي قال: «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّه». والذي يؤيد هذا ما روى أبو سعيد الخدري أن النبي ÷: قال: «يا أيها الناس إني تركت فيكم ثقلين إن أخذتم بهما لن تضلوا بعدي: أحدهما أكبر من الآخر، كتاب اللَّه حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ألا وإنهما لن يفترقا حتى يَرِدَا عليَّ الحوض». «وَلاَ تَفَرَّقُوا» قيل: عن دين اللَّه، عن قتادة، وقيل: عن رسول اللَّه، عن الحسن، وقيل: عن القرآن لا تفرقوا عنه فتدعوه ولا في تأويله فتضلوا، عن الأصم، وقيل: عن القرآن بترك العمل به، وقيل: عن الجماعة، ورووا أن النبي ÷ قال: «ستفترق أمتي بضعًا وسبعين فرقة، كلهم في النار إلا واحدة»، وقيل: وما الواحدة؟ قال: «الجماعة»، ويروى: «السواد الأعظم»، وروي: «ما أنا عليه وأصحابي»، «وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّه عَلَيكُمْ إِذْ كنْتُمْ أعْدَاءً فَأَلَّفَ بَينَ قُلُوبِكُمْ»