التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون 110}

صفحة 1272 - الجزء 2

  وقيل: نزلت في المهاجرين، عن ابن عباس، وقيل: في أصحاب النبي ÷ عن الضحاك.

  · المعنى: لما تقدم الأمر والنهي عقبه بذكر المدح لمن قام به، والترغيب في مثل حالهم، فقال تعالى: «كُنْتُمْ» قيل: خطاب للصحابة، وقيل: للمهاجرين، وقيل: لجميع المؤمنين، ومعنى كنتم قيل: فيما كان يسمع من الخير في هذه الأمة فيما بشرهم، عن الحسن، وقال: نحن آخرها وأكرمها على اللَّه تعالى، وعن النبي ÷: «أنتم تتمون سبعين أمة، أنْتم خيرها وأكرمها على اللَّه تعالى» فذكر «كُنْتُمْ» لتقديم البشارة بهم وبخصالهم، وقيل: معناه أنتم خير أمة، ودخول (كان) تأكيد لوقوع الأمر لا محالة؛ لأنه بمنزلة ما كان في الحقيقة، كقوله تعالى: {وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ} وفي موضع آخر: {إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ} وقيل: معناه حدثتم ووجدتم (خير أمة)، فيكون (خير أمة) بمعنى الحال، عن ابن جرير، وقيل: «كُنْتُمْ خَيرَ أُمَّةٍ» في اللوح المحفوظ، وقيل: هو تفصيل لقوله: «فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ» يعني تقول لكم الملائكة: كنتم في الدنيا خير أمة، عن أبي مسلم، وقيل: كنتم بمعنى صرتم خير أمة بأمركم بالمعروف، عن أبي مسلم، وقيل: معناه كنتم مذ أتيتم خير أمة تنبيهًا أنهم كذلك من أول أمرهم «خَيرَ أُمَّةٍ» قيل: خير من سائر الأمم وأفضل، وقيل: أراد أنتم أكثر الأمم خيارًا، والمراد بالخير أفضل الأمم «أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ» قيل: تقديره: أنتم خير الناس للناس «وأخرجت» صلة، ومعناه: أنتم خير للناس تدخلونهم في الإسلام بالقتال، عن قتادة، وقيل: لأنهم يأمرون بالمعروف، ويتمسكون به، فهو خير لأنفسهم وللناس، عن مقاتل، وقيل: هم خير أمة أظهرت للناس، «والناس» صلة، ومعناه لم يخرج اللَّه تعالى أمة خيرًا من أمة محمد ÷ وقيل: أخرجت بمعنى ثبتت للناس، وبشر بها في الكتب، وقيل: أظهرت بخلافكم على سائر الأمم عن الأصم،