التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون 113 يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين 114 وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين 115}

صفحة 1279 - الجزء 2

  «أمةٌ» رفع قيل: على الابتداء و «قائمة» خبره، ويحتمل قائمة صفة الأمة، وخبره «يتلون»، وقيل: (أمة) رفع على تقدير الخبر، كأنه قيل: لا يستوي أمة هادية، وأمة ضالة. وعبر عن فريقين ب (ليسوا)؛ لأنها جماعة، كقوله: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا}.

  · النزول: قيل: لما أسلم عبد اللَّه بن سلام وجماعة معه قالت أحبار اليهود: ما آمن بمحمد إلا شرارنا، ولو كانوا من خيارنا ما تركوا دين الآباء، وقالوا لهم: قد خسرتم حين استبدلتم الدين، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية، عن ابن عباس وقتادة وابن جريج ومقاتل.

  وعن ابن مسعود أن النبي ÷ أخر صلاة العشاء ثم خرج فإذا الناس ينتظرون الصلاة، فقال: أما إنه ليس أحد من أهل هذه الأديان يذكر اللَّه في هذه الساعة غيركم، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآيات «لَيسُوا سَوَاءً».

  وروى الثوري عن منصور قال: بلغني أنها نزلت في قوم كانوا يصلون ما بين المغرب والعشاء.

  وعن عطاء أنها نزلت في أربعين من أهل نجران، واثنين وثلاثين من الحبشة، وثمانية من الروم كانوا على دين عيسى، وصدقوا محمدًا ÷.

  · المعنى: لما تقدم وصف الفريقين بيّن صفتهما فقال تعالى: «لَيْسُوا سَوَاءً» اختلفوا في تقدير الآية والحذف فيها لما ذكر أحد الفريقين مع قوله: «لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ»، فقال بعضهم: فيه اختصار وحذف يدل الكلام عليه، تقديره: ليسوا سواء