قوله تعالى: {وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم 121 إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون 122}
  يحيى بن وثاب «تُبْوِي» بالتخفيف غير مهموز من أَبْوَي يُبْوِى إِبْوَاء نحو: أوْوَى يُرْوِي إرواء، والأول أفصح وأظهر، ومنه: {وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} وعن ابن مسعود «تبوئ المؤمنين» أي تهيئ لهم مواطن.
  وقراءة العامة «للقتال». وعن أشهب العقيلي: «مقاعد للقتال».
  وقراءة العامة: «واللَّه وليهما» على التثنية، كناية عن الطائفتين، وعن ابن مسعود «وليهم»؛ لأن الطائفتين جمع كقوله: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا}.
  · اللغة: غدا يغدو غُدُوًّا، والغدو: أول النهار، ومنه: {بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ}.
  ويقال: غدا فلان يفعل كذا، أي أصبح.
  وبوأت القوم: وطنتهم وأسكنتهم، وتبوؤوا هم إذا توطنوا، ويجوز تُبَوِّئُ للمؤمن وتُبَؤِّيُ المؤمنَ، كما جاز رَدِفَكُمْ وردف لكم بالتعدية؛ لأنه دخله معنى تُرَتب المؤمنين على مواضعهم، وترك التعدية؛ لأنه دخله معنى يتخذ لهم مواضع.
  والمقاعد: مواضع القعود، واحدها مقعد، وأصله من القعود.
  والفشل: الجبن، فَشِلَ يَفْشَل فشلاً، والفَشِل: الرجل الضعيف، والفشل:
  الضعيف، وفَشِل عن الحرب إذا جبن. والهم: ما هممت به، يقال: هم الرجل بكذا أي قصده وعزم عليه، ومنه: {وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا}.
  والتوكل: إظهار العجز والاعتماد على الغير، يقال: تواكل القوم إذا كان يكل بعضهم الأمر إلى بعض.
  · الإعراب: العامل في (إذ) قيل: محذوف تقديره: واذكروا إذ غدوت، فحذف الفعل لدلالة الكلام عليه عن أكثر النحاة، وقيل: هو عطف على ما تقدم في السورة من قوله: {قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ} وتقديره: قد كان لكم آية في نصرة تلك الطائفة