قوله تعالى: {وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم 121 إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون 122}
  وتدل على أن همهما بالفشل لم يكن كبيرة؛ لأنه قال: «وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا» ولهذا قلنا:
  إن الصحيح أنهما لم يعزما على ترك الجهاد، ولكن قال أحدهما: الصواب في الخروج، وقال آخرون: الصواب في المقام، فأشار كل واحد بما هو الصلاح عنده.
  وتدل على أن الواجب في الجهاد وغيره من الأحوال التوكل عليه تعالى.
  وتدل على أنه كان منهم هَمّ، ثم اختلفوا فقيل: كان حديث النفس، وقيل: كان عزمًا وكان صغيرة، وقيل: كانت بمشاورة على ما بينا، عن أبي علي، وقيل: إنهم أشاروا بالخروج وحملوه عليه فدخل ولبس لْأمَتَهُ، فلما خرج ندموا فاعتذروا، فقال: «ما كان لنبي أن يلبس لأمته ثم يضعها حتى يقاتل» فأخرجهم.
  القصة
  روى أبو إسحاق والسدي والواقدي والأصم وابن جرير وغيرهم حديث أُحُد، وزاد بعضهم ونقص آخر، ودخل حديث بعضهم في بعض، وجملة حديث أحد: أن المشركين نزلوا بأحد ورئيسهم أبو سفيان، ومعه امرأته هند، وجماعة من نساء مكة، وقد جاءوا لطلب دَخَلِ بدر، يوم الأربعاء في شوال سنة ثلاث من الهجرة، واستشار النبي ÷ أصحابه، وقال: «رأيت رؤيا كأن عليَّ درعا فأولتها المدينة، وكأن في ذُبابِ سيفي ثُلْمَةً، فأولتها هزيمة»، واختلفت الأنصار فقالت جماعة: أقيموا حتى يأتيكم عدوكم فتقتلوهم فيها، وبعضهم أشار بالخروج، وكان قوم لم يشهدوا بدرًا وحرصوا على الجهاد، فكثر منهم الحث على الخروج، فدخل ولبس لأْمَتَهُ، وخرج يوم الجمعة بعدما صلى الجمعة، وأصبح بالشِّعب من أحد يوم السبت للنصف من شوال سنة ثلاث من الهجرة، وقيل: كان في ألف رجل، وقيل: في سبعمائة وخمسين، وقيل: