قوله تعالى: {ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائبين 127 ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون 128}
  «لِيَقْطَعَ» يعني ذلك النصر والإمداد «لِيَقْطَعَ طَرَفًا» أي ليهلك طائفة كقوله: {فَقُطِعَ دَابِرُ القَومِ} وقيل: ليهدم ركنًا من أركان الشرك بالقتل والأسر، وإنما قال: «طَرَفًا» والمراد قطعه، ولم يقل وسطًا؛ لأنه لا يوصل إلى الوسط منهم إلا بعد قطع الطرف، واليوم الذي قطع الطرف «مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا» يوم بدر قُتل صناديد قريش ورؤساؤهم والقادة إلى الكفر، قُتل منهم سبعون وأُسر سبعون، عن الحسن وقتادة والربيع، وقيل: يوم أحد، وكانوا قتلوا منهم ثمانية عشر رجلاً، عن السدي «أَوْ يَكْبِتَهُمْ» قيل: يخزيهم بالخيبة مما أملوا من الظفر بكم، عن قتادة والربيع، وقيل: يردهم عنكم منهزمين؛ لأن الكبت هو الرد عن أبي علي، وقيل: يهزمهم، عن الكلبي والأصم، وقيل: يصرعهم على وجوههم، عن يمان، وقيل: يلعنهم، عن السدي، وقيل: يهلكهم، عن أبي عبيدة «فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ» لم ينالوا مما أملوا شيئًا من الظفر بكم، وقيل: ليقطع طرفًا من الَّذِينَ كفروا فينقلب الباقون خائبين «لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ» ليس لك من هذه الأمور شيء، وقيل: ليس إليك كقوله: {هَدَانَا لهذَا} أي إلى هذا، وقيل: هذا اعتراض، وتقدير الكلام: ليقطع طرفًا منهم أو يكبتهم أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم قد استحقوا ذلك وليس إليك من هذه الأربعة شيء، وذلك إلى اللَّه تعالى، وقيل: نصركم ليقطع طرفًا أو يكبتهم وليس لك ولا لغيرك من هذا النصر شيء عن أبي مسلم، وقيل: معناه ليس لك من أمر خَلْقي شيء إلا بتنفيذ أمري، وليس لك من تعذيبهم شيء، وقيل: ليس لك من مصالح العباد شيء إلا ما أوحي إليك، وقيل: ليس لك مسألة هلاكهم؛ لأنه تعالى أعلم بالمصالح، أو يتوب عليهم، وقيل: ليس لك من أن تعذبهم أو تتوب عليهم شيء، ولا شبهة أن الآية عامة، والمراد به الخصوص، فحملت على بعض ما بينا «أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ» قيل: بلطفه ليتوبوا، وقيل: ليقبل توبتهم إذا تابوا «أَوْ يُعَذِّبَهُمْ» يعني إن يعذبهم اللَّه «فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ» استحقوا ذلك العذاب العظيم بظلمهم.
  · الأحكام: تدل الآية أن ما يتصل بالنصرة والظفر وقبول التوبة والتعذيب فهو إلى اللَّه تعالى، وليس إلى الرسول ÷ منه شيء، وإنما إليه الهداية والدعاء.