قوله تعالى: {ولله ما في السماوات وما في الأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله غفور رحيم 129 ياأيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون 130 واتقوا النار التي أعدت للكافرين 131 وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون 132}
  · النظم: قيل: لما نفى عن غيره أشياء أثبتها لنفسه كما تقدم بَيَّنَ الوَجْهَ في ذلك بقوله: «وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ» دالاً بذلك على قدرته على جميع ذلك، عن علي بن عيسى، وقيل: لما جرى ذكر الكفار، وأنه إما أن يهزمهم أو يقتلهم أو يتذكر متذكر فيتوب فيغفر له، أو يصر على كفره فيعذبه بيَّن أنه قادر على جميع ذلك وأنه عنده يسير؛ لأن له ما في السماوات والأرض، عن أبي مسلم، وقيل: إنه يتصل بقوله: «أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ» ثم بيّن أنه يغفر لمن يشاء، وهو التائب، ويعذب من يشاء، وهو المُصِرّ، عن الأصم، وقيل: هو معاتبة للذين عصوا الرسول ÷ بما أمرهم يوم أحد، عن ابن إسحاق.
  ويقال: كيف يتصل النهي عن الربا بما قبله؟
  قلنا: هو نهي عن أمور الجاهلية في باب الربا، اتصل بالنهي عن حال الجاهلية في الكفر وحذر النار المعدة لهم، وأمرهم بالتقوى.
  · المعنى: «وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ» مدًا وملكًا وخلقًا واقتدارًا على الجميع يصرفهم كيف يشاء إيجادًا وإفناءً وإعادة «يَغْفِر لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذبُ مَنْ يَشَاءُ» قيل: يغفر تفضلاً ويعذب استحقاقًا، وقيل: هو مجمل وتفسيره في قوله: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} وفي قوله: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لمَن تَابَ وَءَامَنَ} فبين من يغفر له ومن لا يغفر له «وَاللَّهُ غَفُورٌ» يستر الذنوب على عباده «رَحِيمٌ» لا يعذبه إن تاب «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» صدقوا وأتوا بخصال الإيمان «لاَ تأكلُوا الرِّبَا» ذكر الأكل لأنه معظم الانتفاع وإن كان غيره من التصرفات منهيًا عنها «الرِّبَا» قيل: ربا الجاهلية، وهو الزيادة على أصل المال بالتأخير عن الأجل الحال عن عطاء ومجاهد