قوله تعالى: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين 133 الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين 134}
  عَنِ النَّاسِ» وقيل: عمن ظلمهم وأساء إليهم، ويقدرون على انتقام فلا يفعلون تقربًا إلى اللَّه ø عن زيد بن أسلم ومقاتل، وقيل: عن المملوكين، عن الكلبي «وَاللَّه يُحِبُّ» يريد لكرامته وثوابه «الْمُحْسِنِينَ» من يحسن إلى الناس، وقيل: من يحسن عمله بترك الذنوب، قال الحسن: الإحسان أن تعم ولا تخص كالريح والشمس والمطر، قال الثوري: الإحسان أن تحسن إلى من أساء إليك، فأما إلى من أحسن إليك فإنه متاجرة كنقد السوق خذ مني وهات، وعن أنس عن النبي ÷ قال: «رأيت قصورًا مشرفة على الجنة فقلت: يا جبريل لمن هذا؟ قال: للكاظمين الغيظ والعافين عن الناس واللَّه يحب المحسنين».
  · الأحكام: تدل الآية على وجوب المسارعة إلى التوبة والطاعات الموجبة للمغفرة.
  وتدل على أن المغفرة غير الجنة؛ لأن العطف يوجب ذلك، فالمغفرة إزالة العقوبة، والجنة إيجاب الرحمة، وأحدهما ينفصل عن الآخر.
  وتدل على أن المتقي إنما يصير متقيًا بهذه الصفات، وأن الجنة لا تنال إلا بذلك، وقد يجب الإنفاق في جميع الأحوال بوجوه، فوجب حمل الآية على الواجب، وذكر أبو مسلم أنه مما يدل على أن الجنة والنار مخلوقتان؛ لأن وَصْفَ العرض، وقوله: «أعِدَّتْ» يقتضي ذلك، ومن خالفه يقول: المراد به المستقبل كقوله: {وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ}.
  وتدل الآية على سعة الجنة، وروى الأصم عن النبي ÷ أنه قال: «ما بين مصراعي باب الجنة مسيرة أربعين عامًا، ليأتي عليه يوم يزدحم الخلق عليه ازدحام الإبل وردت حمسًا ظمأ»، وتدل على الترغيب في التقوى لتنال المغفرة والجنة.