التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين 137 هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين 138}

صفحة 1318 - الجزء 2

  وتدل على أن غفران الذنوب لله تعالى فيجب الانقطاع إليه.

  ويدل قوله: «وَهُمْ يَعْلَمُونَ» أنه من يعلم الذنب يجب أن يندم عليه، فإن علمها مفصلاً ندم، وإن علمها جملة ندم كذلك.

  ويدل قوله: «أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ» أن التوبة يستحق بها الغفران، خلاف قول بعضهم.

  وتدل أنه مع المغفرة يستحق الثواب.

  وتدل أن الجنة تنال بهذه الأمور، فيبطل قول المرجئة.

  ويدل قوله: «وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ» على أن ذلك أجر لعملهم، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ أن الثواب لا يستحق بالعمل.

قوله تعالى: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ١٣٧ هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ ١٣٨}

  · اللغة: الخلو: أصله الانفراد، والخلاء: المكان الذي لا شيء فيه لانفراد المكان، وخَلَتْ: انفردت بالهلاك دون من بقي.

  والسُّنّة: السيرة، قال الهذلي:

  فَلاَ تَجْزَعَنْ مِنْ سُنَّةٍ أَنْتَ سِرْتَها ... فَأَوَّلُ رَاضٍ سُنَّةً مَنْ يَسِيرُها

  والسنة: الطريقة المحمودة يقتدى بها، ومنه: سنة رسول اللَّه، ÷، قال الشاعر:

  وَإِن الأُلَى بِالطَّفِّ مِنْ آل هَاشِمٍ ... تَأَسَّوْا فَسَنُّوا لِلْكِرَامِ التَأَسِّيَا

  أصله الاستمرار.

  والموعظة: حال يدعو بالرغبة والرهبة إلى الجنة بدلاً من السيئة.