قوله تعالى: {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين 139 إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين 140}
  وقيل: لما انهزم المسلمون في الشِّعب أقبل خالد بن الوليد بخيل المشركين يريد أن يعلو عليهم الجبل، فقال ÷: «لا يعلون علينا ولا قوة لنا إلا بك»، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية، عن ابن عباس.
  وقيل: نزلت الآية بعد يوم أحد حين أمر رسول اللَّه ÷ بطلب القوم وقد أصابهم ما أصابهم فقال ÷: «لا يخرج إلا من شهد معنا بالأمس»، فاشتد ذلك على المسلمين، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية عن الكلبي، دليله قوله تعالى: {وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ}.
  وقيل: إنها نزلت حين انهزم المسلمون فنادوا قُتِلَ محمد، وعلا خالد بن الوليد على الجبل، والمسلمون في هَمٍّ وحزنٍ، فنزلت الآية.
  · المعنى: ثم بَيَّن تعالى أنه ينصر المؤمنين، وأن العاقبة لهم وإن خلى بينهم وبين أعدائهم في بعض الأحايين مصلحة، فقال تعالى: «وَلاَ تَهِنُوا» أي لا تضعفوا أيها المؤمنون، ولا تجبنوا عن جهاد عدوكم من الكفار بما نالكم «وَلاَ تحزَنُوا» أي لا تغتموا بما لحقكم من الهزيمة وظهور أعدائكم، وقيل: لا تضعفوا بما نالكم من الجراح، ولا تحزنوا على ما نالكم من المصائب بقتل الإخوان، وقيل: لا تهنوا بما نالكم من الهزيمة، ولا تحزنوا على ما فاتكم من الغنيمة «وَأَنتمُ الأَعْلَوْنَ» يعني الظاهرين الغالبين عليهم في العاقبة «إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ» قيل: معناه الإيمان يوجب تلك الحال التي وصفت، يعني من كان مؤمنًا فلا يَهِنُ ولا يحزن، وقيل: إن كنتم مصدقين بوعد اللَّه ووعد رسوله بالنصر لكم، وقيل: معناه إن كنتم مؤمنين؛ لأنهم لو لم يكونوا مؤمنين ما كانوا غالبين. ثم زاد في تسلية المؤمنين وتسكين قلوبهم فقال تعالى: «إِنْ يَمْسَسْكُمْ» يصيبكم «قَرْحٌ» أي جراح، فقد أصاب القوم جراح عن ابن عباس، وقيل: إن مسكم يوم أحد فقد مسهم يوم بدر، وقيل: إن أصابكم يوم أحد جراح، فقد أصابهم أيضا