قوله تعالى: {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين 142 ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون 143}
  الجهاد، فلما كان يوم أحد ورأوا ما رأوا أعرض كثير منهم، فعاتبهم اللَّه تعالى على ذلك عن الحسن ومجاهد والربيع وقتادة والسدي، وقيل: إن الأنصار سألوا رسول اللَّه، ÷ أن يأذن لهم في قتال أهل مكة، وهم بمكة فمنعهم، وقال: لم أؤذن فيه، فلما هزموا يوم أحد ذُكِّرُوا ما سألوا عن الأصم وفيه محذوف، وقيل: يتمنون أسباب الموت، وقيل: بل المراد للشهادة. ونفس الموت «مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ» قيل: من قبل أن تلقوا الموت، يعني أسبابه، وقيل: من قبل أنْ تلقوا الجهاد «فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ» أي رأيتم أسباب الموت، كما قال الشاعر:
  وَالمَوتُ تَحت لِوَاءِ آلِ مُحَلِّمِ
  أي أسباب الموت «وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ» قيل: وأنتم تعلمون الموت، عن أبي القاسم، وقيل: وأنتم تنظرون إلى أسبابه، فذكر (تنظرون) بعد ذكر رأيتموه تأكيدًا، كقولهم: رأيته عيانًا بعيني، وسمعته بأذني، وقيل: معناه وأنتم تتأملون الحال في ذلك كيف هي، فعلى هذا هي النظر بمعنى التأمل، يعني هي رؤية تأمل وتثبت لا رؤية لمح وتخيل، قيل: وأنتم تنظرون إلى الرسول بين أظهركم، حكاه الأصم، قيل: تنظرون إلى الموت النازل بإخوانكم، عن الأصم.
  · الأحكام: تدل الآية أن الثواب والجنة لا تنال إلا باحتمال المشقة، وأنه جزاء على الأعمال، خلاف قول الحشوية والْمُجْبِرَة، فبين تعالى أنه ينال بالمجاهدة والصبر فيدخل فيه سائر ما يحتاج إليه المكلف.
  وتدل على الحث على الجهاد، وتدل على حرص الصحابة على الجهاد وتمني الموت، وذلك لحسن حالهم، ومنزلتهم عند اللَّه.
  ومتى قيل: كيف يحسن تمني الموت؟