التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين 144}

صفحة 1329 - الجزء 2

  قلنا: عند أبي علي يحسن؛ لأنه فعله تعالى عند وقوع القتل، ولا يكون إلا حسنًا، فأما تمني قتلهم فلا يحسن لأنه تمنى الكفر، وذلك يقبح، وقال غيره: إنما تمنوا مقدمات القتل، لا نفس القتل، فلذلك حسن، فأما تمني الشهادة فليس ذلك تمني القتل؛ لأنه قبيح، فإنما هو الصبر على الآلام والشدائد التي يحصل عندها القتل، ويحصل بها الثواب، وتحمل المشاق والخوف والخطر، وكل ذلك حسن.

قوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ١٤٤}

  · اللغة: محمد: أخذ من الحمد، وسمي به لكثرة ما حمد، ويسمى أحمد قيل: معناه أن الأنبياء محمودون، وهو أحمد منهم، وقيل: معناهما واحد، وقيل: إنه اشتق من اسم اللَّه تعالى، وأنشد:

  وَشَقَّ لَهُ مِن اسْمِه لِيُجِلَّهُ ... فَذُو العَرْشِ مَحْمُودٌ وهذا محمدُ

  ويقال: انقلب على عقبيه إذا رجع قهقرى.

  · الإعراب: الألف في قوله: «أَفَإِن مَاتَ» ألف استفهام، ومعناه الإنكار، كقولك: أتختار الصلاح على الفساد؟!

  · النزول: قيل: نزلت في يوم أحد لما نودي أن النبي ÷ قُتِلَ، فقال ناس: لو كان نبيًا لما قتل، وقال آخرون: نقاتل على ما قاتل عليه حتى نلحق به، وارتد بعضهم، وهزم